Loader
منذ سنتين

ما المراد بعلم مقاصد الشريعة؟ وما هي أهميته؟


الفتوى رقم (11294) من طالب علم، يقول: ما المراد بعلم مقاصد الشريعة؟ وما هي أهميته؟

الجواب:

        مقاصد الشريعة أحسن من تكلم عليها من العلماء المتقدمين هو الإمام الشاطبي، فقد جعل لها قسماً من كتابه الموافقات، وقسّمها إلى قسمين:

        القسم الأول: مقاصد الشارع. والقسم الثاني: مقاصد المكلف.

        فأما القسم الأول: وهو مقاصد الشارع، فإنه قسمه إلى أربعة أقسام:

        القسم الأول: مقاصد الشارع من جهة حفظ الشريعة وجريانها على جلب المصالح ودرء المفاسد.

        وجعل الشريعة مبنية على ثلاثة مبادئ: مبدأ الضروريات، ومبدأ الحاجيات، ومبدأ التحسينات.

        وأشار إلى الضروريات وهي: حفظ الدِّين، وحفظ النفس، وحفظ العرض، وحفظ العقل، وحفظ المال. وبعض العلماء يقول: حفظ النسل. أو يجعلها ستة. والأمر في هذا يسير. فالمقصود أن الشاطبي جعل هذا هو القسم الأول.

         القسم الثاني هو: وهو في الحقيقة يحتاج إلى أن المستمع يتنبه له هو مقاصد الشارع من جهة من يدخل في أدلة التشريع؛ يعني: تحديد المخاطَب في أدلة التشريع.

        والقسم الثالث هو: في بيان ما يدخل في أدلة التشريع، وكلمة (ما يدخل) يقصد فيه المسائل أو الفروع التي يكلف بها المكلفون؛ بمعنى: إن الشخص لا يسلك فيها مسلك الإفراط، ولا يسلك مسلك التفريط من ناحية الفهم، ولهذا الله -سبحانه وتعالى- لم يكلف عباده بما لا يُطاق، فمن فهم من الأدلة شيئاً يعتبره من التكليف بما لا يُطاق، فهذا فهم غير صحيح.

        وكذلك الله -سبحانه وتعالى- لم يكلف عباده بما يشق عليهم مشقة خارجة عن المعتاد، والمقصود من هذا هو التكاليف من جهة أصل الشريعة الذي هو باب العزائم، ومن أجل ذلك عندما يريد الشخص أن يقع منه أو عليه سبب يسِّوغ له عدم فعل العزيمة، وقلت (منه) مثل: السفر، وقلت (عليه) مثل: المرض. السفر سبب من أسباب التخفيف، والمرض سبب من أسباب التخفيف.

        فمثلاً يتحول المسافر من الصلاة الرباعية إلى صلاة ركعتين، ويكون مخيراً من جهة جمع التقديم وجمع التأخير. وبالنسبة للمريض إذا كان يسَوغ له الجمع بين الصلاتين جمع تقديم أو جمع تأخير على حسب ما تقتضيه حاله؛ وكذلك بالنسبة إلى فطر المسافر أو ما إلى ذلك.

        فعندما يريد شخصاً أن يباشر شيئاً لو فعله عزيمة لكان عليه مشقة خارجة عن المعتاد، فشرع الله الرخصة، وذلك من أجل أن تكون الشريعة في عزائمها وفي رخصها جارية على سنن واحد، وهذا السنن هو أن جميع التكاليف جارية على المشقة المعتادة، فلا بدّ من أن يكون فهم الأدلة على هذا الوجه؛ يعني: لا يكون فيه إفراط، ولا يكون فيه تفريط.

        والقسم الرابع هو: قصد الشارع من الوسائل التي تستخدم في فهم القرآن وفي فهم السنة؛ مثل: علم اللغة جملة وتفصيلاً؛ كعلم النحو، والبلاغة، والتصريف، والاشتقاق، وغير ذلك من العلوم التي تساعد على الفهم.

هذه هي نظرة الشاطبي من جهة مقاصد الشارع.

        أما بالنظر إلى مقاصد المكلف فإنها مندرجة تحت قاعدة الأمور بمقاصدها. وهذا البرنامج وقته ليس بواسع من أجل التفصيل في هذه الأمور وهي موجودة؛ لكن الشيء الذي أحب أن أنبه عليه هو أن فيه كثيراً ممن خدموا كتاب الشاطبي -رحمه الله-، وفيه كثير من العلماء من كتبوا في مقاصد الشريعة، وكتبوا في المصالح؛ لكن جميع الكتابات التي اطلعت عليها كلها -تقريباً- ترجع إلى القسم الأول من الأقسام الأربعة. وبالله التوفيق.