حكم من ترك الصلاة بحجة أن المصلين كذابين
- الصلاة
- 2021-12-18
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (4349) من المرسل م. ش. ف. س من السودان الولاية الشمالية، يقول: أقوم بنصحِ بعضِ الإخوة حتى يؤدي ما فرض الله عليه، وعن المهم الذي يهمه في دينه؛ كالصلاة، فيرد عليّ أنه رأى كثيرًا من المصلين كذابين وغير ملتزمين بالآداب؛ لذلك فهو لا يصلي أو يقول: إلى أن يهدينا الله أرجو التوضيح في هذا الأمر وما حكم هؤلاء وبم توجهوني؟
الجواب:
أما بالنسبة لك فإن الرسول ﷺ يقول: « من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ». الحديث، وأنت مأمورٌ بأن تأمرَ بالمعروف، وتنهى عن المنكر في حدود استطاعتك والله -جل وعلا- يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[1]، {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[2]، {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا}[3] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك.
وأما بالنسبة للشخص الذي تنصحهُ من جهة الصلاة فلا يجوز له أن يقابلك بهذا المقابلة، وترك الصلاة كفر؛ فإن الرسول ﷺ قال: « بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة »، وقال ﷺ: « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ». والصلاة ركنٌ من أركان الإسلام فعندما يتركها الشخص يكونُ قد ترك ركنًا من أركان الإسلام، فيكون بذلك كافر.
فهذا الشخص عندما ترك الصلاة يكون كافرًا، وأما بالنسبة لنظرته للناس الآخرين ويقول: أن هؤلاء الذين يصلون كذابون فهو أيضًا قد أخطأ عليهم؛ لأنه لا يدري عما يفعلونه، ولا يدري عن الأمور الواقعة في قلوبهم، وليس من اللازم أن الشخص إذا كان يصلي أن يكون معصومًا عن المعاصي؛ فالرسول ﷺ يقول: « لو لم تذنبوا لذهبَ اللهُ بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم » أو كما قال ﷺ، ويقول ﷺ: « كلكم خطاؤون، وخيرُ الخطائين التوابون »، ويقول -جل وعلا-: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[4].
فالمقصودُ أننا لا نقول للشخص لا تصلي إلا إذا كنت ستتجنب جميع المعاصي فيصلي وأجرُ صلاته مكتوبٌ له، وعندما يعصي الله -جل وعلا- لا يجوز لهُ أن يعصي الله لا في ترك واجب ولا في فعل محرم، بل الواجب عليه أن يمتثل الأوامر الواجبة، وأن يمتثل باب النواهي المحرمة، فلا يفعل هذه الأمور المحرمة؛ ولكن لا نقول له لا تصلي إذا كنت ستعصي الله، بل يصلي وإذا عصى الله هذا أمرٌ بينهُ وبينَ الله، وبخاصة إذا كانت المعصية من المعاصي التي لا تكون ناقضًا من نواقض الإسلام؛ يعني: تكون من كبائر الذنوب.
وعلى الإنسان عندما يحصل منه تقصير فيما بينه وبين ربه أن يستغفرَ الله جل وعلا، فقد قال الله جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[5].
فإذا نظرت إلى نفسك، قد أبرئت ذمتك في النصيحة، وأن هذا الشخص مخطيء في إجابته لك، وأنه كافرٌ بتركهِ للصلاة، وأنه مخطيء أيضًا في نظرته للناس الآخرين، فعليه أن يتوب إلى الله وأن يستغفره، وأن يرجع إلى نفسه، فإن التوبة تجبُ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وبالله التوفيق.