هل الكفارة الواردة بين كل عبادة وعبادة تشمل الكبائر؟
- فتاوى
- 2021-06-26
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (737) من المرسل السابق، يقول: هناك بعض الأحاديث تذكر أن ما بين الوقت والوقت كفارة، والجمعة كفارة، والشهر كفارة، والسنة كفارة ورمضان كفارة؛ فهل ما بين كلّ ذلك وبعضه كفارة للذنوب الصغيرة أم الكبيرة؟
الجواب:
الشخص في حالة مخالفته لأوامر الله، وفعله لما نهاه الله عنه، له أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون ما صدر منه يوجب كفره كفراً أكبر؛ يعني: يوجب خروجه من الإسلام؛ سواء كان ذلك بطريق الشرك الأكبر، أو النفاق الأكبر، أو الكفر الأكبر، وهذا لا تكفره الأعمال الصالحة التي يعملها الإنسان، فإذا مات على ذلك فإنه خالد مخلّد في النار؛ لقوله تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا"[1]، وقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ"[2]، وإذا تاب من ذلك قبل موته، فإن الله يقبل توبته.
الحالة الثانية: أن تكون المخالفة شركاً أصغر، وفي هذه الحالة إن تاب تاب الله عليه، وإن مات وهو مصر على الشرك الأصغر؛ فإما يدخله الله النار ويطهره من هذا الشرك؛ لعموم قول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ"[3]؛ أو يأخذ من حسناته بقدر ما اقترفه من الشرك؛ لعموم الآية، ولأن الشرك لا يغفر؛ سواء كان صغيرا أو كبيراً، وهذا لا تكفّره
-أيضاً- الأعمال الصالحة.
والحالة الثالثة: أن يكون ما اقترفه الشخص من كبائر الذنوب -دون الشرك-؛ كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ويموت ولم يتب منها، وفي هذه الحالة هو تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء أدخله النار وطهّره من ذنوبه ويدخله الجنة.
والحالة الرابعة: أن يقترف الشخص صغائر الذنوب؛ ولكن يكون عنده إصرار عليها، ففي هذه الحالة إذا مات وهو مصرّ على صغائر الذنوب فهو -أيضاً- تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذّبه.
والحالة الخامسة: أن يقترف الشخص شيئاً من صغائر الذنوب، ولا يكون مصراً عليها، ففي هذه الحالة ما يعمله من صلاة وصيام وحج وعمرة وصلاة جمعة، يكون مكفّراً لما بين ذلك؛ كما في قوله ﷺ: « الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والحج إلى الحج مكفّرات لما بينها إذا اجتنبت الكبائر »، وقد جاء بيان ذلك في قوله تعالى: "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا"[4].
فعلى الشخص أن يتعاهد نفسه ويراقبها، وإن وقع في محظور يرجع لله ويستغفره، فإن الله يقبل توبة عباده، ولا ينبغي للشخص أن يغتر بإمهال الله له؛ فبعض الناس يعمل ما نهى الله، ومع ذلك يفتح عليه من صحة وأولاد، وقد يكون هذا من استدراج الله للعبد؛ كما في قوله تعالى: "سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ"[5] إلى غيره من هذه الآيات؛ وكما قال بعض السلف إذا رأيت الله يعطي العبد وهو مقيم على معاصيه فاعلم أنما هو استدراج، فعلى العبد ألا يغتر على ما يأتيه من النعم مع أنه عاص لله -جلّ وعلا- في باب الأوامر يتركها، وفي باب النواهي يفعلها. وبالله التوفيق.