معنى قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}
- التفسير
- 2021-12-30
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7830) من المرسلة السابقة، تقول: ما معنى قول الله -تبارك وتعالى- في سورة النحل: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[1]؟
الجواب:
قوله -جل وعلا-: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[2] هذا فيه تنبيهٌ على أن الإنسان ينقاد إلى الكفر ظاهراً وباطناً، وهذا في قوله: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ؛ لأن هذا انتقل من الإيمان إلى الكفر لكن على سبيل الاختيار؛ يعني: ارتد عن الإسلام على سبيل الاختيار، لكن لو أن الإنسان أجبر على النطق بكلمة الكفر مع اطمئنان قلبه بالإيمان فإن هذا لا تأثير له، فقوله -هنا-: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}[3]، {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[4] فإذا نطق بكلمة الكفر مع اطمئنان قلبه بالإيمان فإن نطقه لا يؤثر عليه؛ لأن الله رخّص له، ولا يلتبس هذا بالشرك فإن الشرك لا يمكن أن يشرك الإنسان ويقول: أنا مكرهٌ، فقصة الذباب ؛ الذين مروا على صنم ولا يمكن أن يمر عليه شخصٌ إلا أن يقرّب، فمر أحدهما فقالوا له: قرّب لهذا الصنم، قال: ما عندي شيءٌ أقرّب، قالوا: قرب ولو ذباباً، قال: ماكنت لأقرب شيئاً دون الله -جل وعلا- فقتلوه فدخل الجنة. ثم جاء الآخر فقالوا له: قرّب، فقال: ما عندي شيئاً أقرّبه، قالوا: قرّب ولو ذباباً فذبح ذباباً للصنم فدخل النار. فهذا مكرهٌ على الشرك والله -جل وعلا- لم يعذره؛ فالمقصود أن لا يكون الإكراه عذراً في الشرك؛ وإنما يكون عذراً في الكفر كما نص الله عليه -جل وعلا-.
وأنا ما نبهت عليه هنا إلا أن فيه كثيراً من الأشخاص يسألون: هل الإكراه في الشرك كالإكراه في الكفر؟ بمعنى: إنه كما أنه يكون معذوراً في التكلم بكلمة الكفير يكون معذوراً في الإتيان بالشرك فلا بد من التنبه للرفق بينهما. وبالله التوفيق.