Loader
منذ 3 سنوات

شروط التوبة النصوح؟ وإذا تبت ثم رجعت ثم تبت ثم رجعت وثالثة ثم استقمت هل توبتي صحيحة أم لا؟


الفتوى رقم (6383) من المرسل السابق، يقول: ما شروط التوبة النصوح؟ وهل إذا تبت من الذنب ثم رجعت ثم تبت مرة أخرى ورجعت وثالثة واستقمت على الطريق ولكن لم يحصل لي بعض النكبات بعد ذلك هل توبتي صحيحة أم لا؟

الجواب:

        الشخص يقدم على ترك واجب، أو على فعل محرم، ويتكرر منه ذلك، ويمهله الله -جلّ وعلا-، وقد يكون هذا الإمهال من باب الاستدراج؛ كما قال -تعالى-: "سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ"[1].

        ومن فضل الله وإحسانه أنه فتح باب التوبة لعباده، فقال في شأن الكفار: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ"[2]، وقال -تعالى- وهي أرجى آية في القرآن: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[3]؛ فالتوبة من حقوق الله -جلّ وعلا- لها ثلاثة شروط؛ الشرط الأول: الإقلاع من الذنب. الثاني: الندم على فعله. والثالث: العزم على ألا يعود إليه. فإذا اختل شرط من هذه الشروط فإن التوبة لا تكون صحيحة. وإذا كانت التوبة من حقوق الخلق فهذه الشروط لا بدّ منها. ويضاف إليها شرط رابع وهو أن حق الآدمي إذا كان حقاً مالياً فإنه يعاد إليه، وإذا كان حقاً من عرض فإنه يستبيحه. وإذا ترتب على استباحته أو رد المال مفسدة أعظم من المصلحة التي يسعى إليها الشخص فهو يتصدق بالمال من جهة، ويدعو لهذا الشخص من جهة أخرى يكثر من الدعاء إلى درجة اعتقاده أن الله سبحانه وتعالى قد غفر له، وأنه أدى ما يكون بديلاً عن الشرط؛ لأنه أصبح عاجزاً عجزاً حكمياً عن أداء الشرط، وذلك أنه إذا أداه سيترتب عليه جلب مفسدة أعظم من المصلحة التي يريدها. ومن قواعد الشريعة ترجيح جانب المصالح على المفاسد إذا كانت المصالح هي الراجحة، وترجيح جانب المفاسد على المصالح إذا كانت المفاسد هي الراجحة؛ فتلغى المصلحة وكأنها لا تكون موجودة. وعندما تتساوى المصلحة والمفسدة في نظر المجتهد أو في نظر الشخص باعتبار المتمكن من معرفة الواقعة فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وهذه القاعدة إذا سمعها طالب العلم فمحل تطبيقها هو مساواة المصلحة والمفسدة، فعندما تجد في كتب العلم أو تسمع من العلماء أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فلا تفهم هذا على إطلاقه؛ وإنما هو مقيد بصورة واحدة وهي إذا ما كانت المفسدة مساوية للمصلحة. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (44) من سورة القلم.

[2] من الآية (38) من سورة الأنفال.

[3] الآية (53) من سورة الزمر.