Loader
منذ سنتين

حكم العيش مع الأهل إذا كانوا لا يصلون


  • فتاوى
  • 2021-12-22
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4518) من المرسل أ. م من مصر - محافظة الشرقية، يقول: لي أبٌ وأم لا يصليان أبداً، وأحياناً والدي يصلي جمعة ويترك بحجة أنه نائم، ولقد نصحتهما ودعوت لهما كثيراً؛ ولكنهما لا يسمعان لكلامي، ويتلفظون بكلمة الكفر أحياناً مما جعلني أخاف على نفسي من الضلال، مما أدى بي للسفر، فهل أرجع لهما مرةً ثانية وهم على ذلك الحال، أم أتركهم حتى يقيمان شرع الله ولا يتلفظان بالكفر مرة ثانية، حتى لا تهلك نفسي، ولي إخوة على نفس الوضع وأخوات لا يلبسن الحجاب بالإضافة إلى تركهن الصلاة؟

 الجواب:

        هذا الشخص الذي يعيش كفردٍ من أفراد هذه الأسرة، ويذكر أعمالهم؛ والديه، وإخوانه، وأخواته، ويذكر ما يبذله من نصح ٍوإرشاد وتوجيه لهم، ولكنهم لا يقبلون ذلك منهم.

        فالذي ينبغي لهذا الشخص أن يحاول بقدر الاستطاعة دعوتهم إلى طريق الحق بنفسه، وكذلك يستعين ببعض الأشخاص الذين يساعدونه على ذلك، وذلك من أجل إنقاذهم من هذا الوضع السيئ إلى وضع حسن، أما مودتهم ومحبتهم فهذا ليس من الأمور المشروعة.

        فالله جل وعلا قال لنوحٍ -عليه السلام- حينما قال نوحٌ لربه: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي}[1]، قال: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[2].

        فإذا كان الشخص يتصف بوصف لا يرضي الله جل، على بترك الواجبات وبفعل المحرمات فهو عدو الله جل وعلا، وإذا كان عدواً لله جل وعلا، فكيف يصادقه الشخص ويحبه؟ والله سبحانه يقول: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}[3]، فما دام هذا الشخص عدو الله جل وعلا، والله -سبحانه وتعالى- جزاه عن هذه العداوة فكان عدواً له، فلماذا يصادقه الشخص ويصاحبه؟ ولو كان والد أو والدة أو ابن، والأمر كله بيد الله جل وعلا، ويقول الله لنبيه محمدٍ ﷺ حينما قال لعمه: « يا عم قل: لا إله إلا الله كلمةً أحاج لك بها عند الله »، فأنزل الله جل وعلا: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[4].

        فهذا الشخص عليه أن يبين لهم، ويوضح لهم أن هذا الطريق الذي يسلكونه طريقٌ غير شرعي، ويبين لهم الطريق الشرعي، أما موضوع الهداية بيد الله جل وعلا، فكما تقدم نوحٌ لم يهدي ابنه، والرسول لم يهدي عمه، وزوجة فرعون كانت مؤمنة ومع ذلك أخذ أربعمائة وخمسين سنة يقول لقومه: أنا ربكم الأعلى وما نفعته زوجته، وزوجة نوح كانت كافرة وأيضاً ما نفعها، والرسول ﷺ يقول: « استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي ».

        ولما وقف موقفاً فقال: « لا تسألوني سؤالاً إلا أجبتكم، فقام سائلٌ فقال: أين أبي؟ وكان أبوه ميتاً،؟ قال: أبوك في النار، فتغير وجهه، فقال: إن أبي وأباك في النار »[5].

        فالرسول ﷺ أشرف الخلق، ومع ذلك ما نفع أمه، وما نفع أباه، ولا نفع عمه، ونوحاً -عليه السلام- من أولي العزم، وما نفع ابنه، فالمقصود أن الأمر بيد الله جل وعلا هو الهادي إلى سواء السبيل، وعلى الإنسان أن يفعل الأسباب. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (45) من سورة هود.

[2] من الآية (46) من سورة هود.

[3] الآية (98) من سورة البقرة.

[4] من الآية (56) من سورة القصص.

[5] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار (1/191)، رقم(203).