حكم زيارة المسلمين لضريح للنصارى
- توحيد الألوهية
- 2021-09-22
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1670) من المرسل ع. م. ع مصر - تربة البقوم، يقول: عندنا في مصر جماعة من النصارى يدّعون أن مريم ظهرت عندهم، وبنوا لها قبة، وعملوا لها ضريحاً، والناس تأتي إليهم من قريب وبعيد إلا من عصمه الله، فما رأي فضيلتكم ونصيحتكم التي توجهونها لهم، ومع الأسف فإن كثيراً من المسلمين يذهبون لزيارة هذا الضريح يقصدون تلمس بركاتٍ مما يزعمون؟
الجواب:
هذه المسألة يظهر من سؤال السائل عنها أنه يعتقد أن النصارى على حق؛ ولكن هذا الأمر يحتاج إلى شيءٍ من الإيضاح.
وبيان ذلك: إن الله -جل وعلا- أرسل الرسل وأنزل الكتب، ومن الرسل أولى العزم، ومن أولي العزم عيسى، ومنهم محمد ﷺ، ومحمدٌ ﷺ هو آخر الرسل، والقرآن هو آخر الكتب، والله -جلّ وعلا- يقول:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"[1] فالله -جلّ وعلا- أكمل الدِّين. قال تعالى:"قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ"[2]، ويقول -جلّ وعلا-:"تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"[3]، ويقول الله لرسوله محمد ﷺ:"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا"[4]، ويقول ﷺ عن نفسه: « بعثت إلى الأحمر والأسود، وكلّ نبيٍ يبعث إلى قومه خاصة »، ولما رأى ورقةً من التوراة في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما هذا يابن الخطاب؟ قال: هذه ورقةٌ من التوراة، قال: أفي شكٍ أنت يابن الخطاب، لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي ».
وبهذا يتقرر أن هذه الشريعة كاملةٌ في تقعيدها، وشاملةٌ لجميع مصالح الناس في الدنيا والآخرة، وهي -أيضاً- عامة للأنس وللجن واليهودي والنصراني والمجوسي؛ كلّ هؤلاء مدعوون بدعوة الإسلام، وعلى هذا لا يجوز للشخص أن يعتقد أنهم على حق؛ بل الواجب هو أن الشخص إذا رأى أحداً منهم وهو يستطيع دعوته، فإنه يدعوه إلى الإسلام. هذا من جهة أصل الموضوع..
أما من جهة هذه المسألة التي سأل عنها، وهي لها تعلقٌ في أصل هذا الموضوع:
فإن هذا من جهة أصله، هو محض كذب وافتراء على الله -جلّ وعلا-؛ ولكن هذا ليس بغريبٍ، فأمثاله كثير في كثيرٍ من البلدان، يعملون هذا العمل من أجل التمويه على العامة من جهة، ومن جهة الاستغلال المادي من ناحيةٍ ثانية؛ وكذلك من أجل أن يضع الشخص الذي يقوم بهذه الدعوة نفسه في موضعٍ مرموقٍ في المجتمع الذي يعيش فيه.
فالمقصود أن هذا من البدع، وداخلٌ في عموم قوله ﷺ: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد »؛ لأني ذكرت في الكلام السابق أن النصارى واليهود داخلون في عموم الدعوة إلى الإسلام، فما جاء في القرآن وما جاء في السنة من دعوة الناس إلى هذا الدِّين هم داخلون في هذا العموم.
وعلى هذا الأساس فعملهم هذا مبتدع، ولا يجوز للإنسان أن يصدّقه من جهة، ولا يجوز له أن يذهب إلى هذا المحل من جهةٍ أخرى. وبالله التوفيق.