Loader
منذ سنتين

ما طرق الحفاظ على القرآن وعلى عدم تفلّته؟ والذي يحفظ وينسى لِتَرْكِ المصحف فترةً طويلة هل يأتي يوم القيامة أعمى؟ وما المقصود بالآية؟


الفتوى رقم (8156) من المرسلة السابقة، تقول: ما طرق الحفاظ على القرآن وعلى عدم تفلّته؟ والذي يحفظ وينسى لِتَرْكِ المصحف فترةً طويلة هل يأتي يوم القيامة أعمى؟ وما المقصود بالآية؟

الجواب:

        من الناس من يحفظ القرآن حفظاً ضعيفاً، ومنهم من يحفظه حفظاً قويّاً، ومن الناس من إذا حفظ القرآن لازَمَ تكرار تلاوته، ومن الصحابة من كان يختم القرآن في ثلاثة أيام، ومنهم من يختمه في سبعة أيام، ونُقل عن بعض العلماء أنه يختمه في النهار مرة وفي الليل مرة، والإمام أبو حنيفة رأى ابنته تبكي في آخر حياته فقال لها: ما يبكيك على أبيك وقد ختم القرآن في هذا المكان خمسين سنة، كل يومٍ يختمه مرة؟ فحسبت عدد الختمات التي ختمها في هذه المدة فوجدت أنها ثمانية عشر ألف ختمة!

        فغرضي بيان اختلاف اهتمام الناس في حفظ القرآن.

        وهكذا تلاوته بالنظر دون حفظه عن ظهر قلب؛ فمن الناس من يفهم تفسير الآيات قبل أن يحفظها؛ بأن يحدد الموضوع أولاً ثم ينظر في المفردات اللغوية والمفردات الاصطلاحية الشرعية إن وجدت، وينظر في سبب النزول، وينظر أيضاً إن كان في الآيات ناسخ أو منسوخ، وينظر في الموضوع الذي تتكلم عنه الآيات، ثم يقرأ تفسيرَها تفصيلاً، ثم يحفظها بعد ذلك، ومن الناس من يكرر الآيات التي يريد أن يحفظها خمسين مرة أو أربعين مرة على حسب قوته في الحفظ، فإذا استقر الحفظ في فكره حافظ بعد ذلك على تكرار ما حفِظه بأن يعيدَه كل يوم، ويقرَأَه في الصلاة السرية في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر والعصر، وفي الرواتب التي قبل الظهر والتي بعدها، والتي بعد المغرب وبعد العشاء وقبل الفجر، كما يقرَؤُه في صلاة الضحى وفي صلاة الليل، وإذا كان له تطوع زائد عن ذلك فإنه يقرؤه في تطوعه، فالإنسان بهذه الطريقة يستطيع أن يحافظ على القرآن.

        أما الإنسان الذي يحفظه ويهمل تلاوته، أو الذي يكون حفظه ضعيفاً فهو حينئذٍ أشد تفلتاً من الإبل في عُقلها، وبالله التوفيق.

        أما قوله: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ}[1] فهو خاصٌّ بمن لا يعمل بالقرآن كالكفار، يعني الكافر كفراً أكبر، أو المنافق نفاقاً أكبر، أو المشرك شركاً أكبر، فإنه أعمى في هذه الدنيا من ناحية أنه معرضٌ عن العمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وبما أنه أعمى البصيرة في هذه الدنيا فسيكون أعمى البصر في الآخرة، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (72) من سورة الإسراء.