Loader
منذ سنتين

حكم إجابة المعلمة لكل أسئلة الطالبات


  • فتاوى
  • 2021-12-07
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (2720) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: أنا مدرّسة وأضطر في كثيرٍ من الأحيان إلى إجابة الطالبات أو الزميلات اللاتي يسألنني عن شيءٍ من أمور الدِّين، وأخشى أن أقع في الخطأ فينالني العقاب، وقد ذكرت للطالبات وجوب الحجاب، واستدلت طالبة بحديث أسماء:" إذا حاضت المرأة فلا يصحّ أن يرى منها إلا هذا وهذا" وأجبت عن هذا، بأنه لعله قبل نزول الحجاب، ثم إني بحثت عن الحديث فوجدت أنه ضعيف الإسناد لا يصح. وأخبرت الطالبة بالجواب عن الحديث؛ ولكني بدأت أتحرج في أن أجيب على أي سؤال يوجّه إلي، فهل تنصحوني بإجابة من يسألني من الطالبات والزميلات، أو أتوقف عن ذلك؟

الجواب:

 ظاهرة الإجابة على أسئلة السائلين، سواءٌ كان ذلك في المدارس، أو في الندوات التي تعقد، أو في المحاضرات التي تحصل، وتوجّه أسئلة إلى المحاضر، وتكون هذه الأسئلة خارجة عن موضوع المحاضرة، أو خارجة عن موضوع الدرس، أو عن موضوع الندوة. فبعض الناس تكون عنده رغبة شديدة في أن يجيب عن كلّ ما يسأل عنه، ويجد في ذلك راحة نفسية؛ ولكنه لا يهتم من إجابته، أخطأ أو أصاب، المهم أنه يكون أمام الناس عنده قدرة على إجابة جميع ما يسأل عنه، ولا شك أن فيه خطورة عظيمة بالنسبة للمسؤول والحاضرين، ففيه خطورةٌ بالنسبة للمسؤول في أنه قد يفتي بغير علمٍ، والله تعالى يقول: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ"[1]، ويقول: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[2].

        فإذا كان يجيب على بعض الأسئلة، فتارة يكون جوابه من الجهل المركّب، وتارةً يكون من الجهل البسيط، وذلك إذا سئل فقال: لا أدري، فهذا من الجهل البسيط.

وبناءً على ما سبق، فإن الإنسان عندما يُسأل عن مسألةٍ من المسائل، فإن كان عنده جوابٌ يعرف دليله، أو جوابٌ قد حفظه عن عالمٍ من العلماء المعتبرين، ففي الحالة الأولى يذكر الحكم بدليله، وفي الحالة الثانية يسند الجواب إلى ذلك العالم، فيقول: هذه المسألة قد سئل عنها فلان، فأجاب بكذا. وإذا لم يكن عنده علمٌ يطمئن إليه، فبإمكانه أن يقول: لا أدري، وله سلفٌ في ذلك، فإن الرسول ﷺ كان يسأل عن المسألة فينتظر الوحي حتى ينزل عليه الجواب، وهكذا الصحابة -رضي الله عنهم- يأتي السائل فيتدافعون المسألة فيما بينهم، كلّ واحدٍ منهم يدفعها للآخر، خشيةً من وقوع الإثم في الإجابة. وهكذا من جاء بعدهم، فإن الإمام مالكاً ، جاءه شخصٌ فسأله عن أربعين مسألة، فأجابه عن أربع، وقال في ستٍ وثلاثين: لا أدري، فقال له: أنت مالك بن أنس تُضرب إليك أكباد الإبل من شرقها وغربها، وتقول: لا أدري! فقال له كلاماً معناه:" إنه إذا لم يعجبك هذا العمل الذي عملته معك، فامشِ في أسواق المدينة، وقل: سألت مالكاً عن أربعين مسألة فأجابني عن أربعٍ، وقال في ستٍ وثلاثين: لا أدري". وهذا من الورع ومن الأمانة العلمية.

        فعلى الإنسان ألا يقدم على الإجابة على مسألة من المسائل إلا على الوجه الذي سبق. وإذا أراد أن يأخذ بأمرٍ آخر وهو أن يقول: سأبحث عن هذه المسألة، وأعطيك الجواب في فرصةٍ أخرى مناسبة، وهذا ممكن بالنسبة للمدرسين والمحاضرين. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (36) من سورة الإسراء.

[2] من الآية (43) من سورة النحل.