الصدقة الواجبة على الميت، و حكم إقامة ولائم العزاء من مال الميت
- لاعبرة بالعرف المخالف للشرع
- 2022-05-16
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1635) من مرسل يمني مقيم في مكة، يقول: إذا مات الواحد ما الصدقة التي تجب عليه بعد موته؟ سواءٌ أوصى لنفسه أم لم يوصِ؛ علماً بأن الناس عندنا يقومون بولائِم كبيرة من ماله، أو من أموالهم الخاصة، ونحن نعرف أن هذا حرام؛ ولكن يقولون: عادةً نحن مثل الغير، ونُجاهِدُهم بتركها، والبعض يستمع، والبعض يُصرُّ عليها.
الجواب:
يقول الرسول ﷺ : « إذا مات ابنُ آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفعُ به، وصدقة جارية، وولد صالح يدعو له »، فهذه الآثار الثلاثة ينتفع بها الميت؛ كما ينتفع بالصدقات التي يتصدَّقُ بها أحد من أقاربه أو من غير أقاربه، وتكون الصدقة مشروعةً هذه يصل ثوابها إليه إذا قَبِلها الله -جل وعلا-؛ كما أنه ينتفع بالدعاء له من المسلمين، ولهذا حينما يُصلون عليه يدعون له، فإذا كان المسلم يدعو لأخيه المسلم وهو ميت، فإن هذا الدعاء مشروع؛ أما ما يفعله بعض الناس من إقامة الولائم عندما يُتوفَّى الشخص، منهم من يجعلها في يوم موته، ومنهم من يجعلها بعد ثلاثة أيام، ومنهم من يجعلها بعد سبعة، ومنهم من يجعلها بعد الأربعين، ومنهم من يجعلها في يوم موته من كلّ سنة، ومنهم من يجمع أشخاصاً يقرؤون القرآن ويُعطيهم أُجرة، قد يكون قارئاً، وقد يكون أكثر ويُعطيهم أجرة على قراءة القرآن، و ُقدِّم لهم مأكولات، وقد يأتي بأشخاصٍ آخرين يأكلون معهم، ويظن أنه يصل ثواب ذلك إلى الميت؛ وهذه كلّها من الأمور المُبتدَعة لم يفعلها الرسول ﷺ ولم تُفعَل له، ولم يأمر بها؛ والصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوها، ولم يفعلها بعضهم لبعض، والتابعون لم يفعلها بعضهم لبعض، ولم يفعلوها للصحابة رضي الله عنهم؛ فمضى عصر الرسول ﷺ، وعصر الصحابة، وعصر التابعين، وعصر أتباع التابعين وهم مُطبِّقون لقوله ﷺ: « عليكم بسنَّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المَهديين »، وبقوله ﷺ: « من أحْدَث في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو رَد »، وفي رواية: « من عَمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَد »، فهم لا يعملون إلا ما يوافق أمر الله وأمر رسوله ﷺ.
ومن هذا يتبيَّن لنا أن بِدَع الجنائز التي تُعمل أنها -كلّها- داخلةٌ في عموم قوله ﷺ: « من عَمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَد ».
ولا عبرة بما يتوارث عليه الناس من فعل هذه البدع، فإن العُرف إذا وُجِد في بلد وكان مخالفاً لأمر الله -جل وعلا- وأمر رسوله ﷺ؛ فإن العُرف يلغى؛ لأن الحُكم بما أمر الله به -جل وعلا- وأمر به رسوله ﷺ.
وأنا أنصح السائل بأن يُقدِّم كتاباً إلى دار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية يوضِّح به جميع هذه الأمور المُبتدَعَة، ويطلب تزويدَه بجوابٍ عنها، وسيكون كغيرهِ من الأشخاص الذين يُزودُّن بما ينوِّرهم بأمور دينهم. وبالله التوفيق.