Loader
منذ 3 سنوات

صحة حديث (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)


  • الإيمان
  • 2021-07-27
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (6596) من المرسل ع.ج.م، من المملكة يقول: ما صحة هذا الحديث قال النبي : « المسلم من سلم المسلمون من لسانه من يده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه »[1]، هل من لم يسلم المسلمون من لسانه ويده كالغيبة والسرقة يعتبر غير مسلم بناءً على هذا الحديث أم ماذا؟

الجواب:

        هذا الحديث لا إشكال فيه؛ ولكن المقصود منه أن هذه الخصلة من الخصال تؤثر في إسلامه. وبيان ذلك أن الله سبحانه وتعالى ذكر الإيمان وذكر الإسلام في القرآن وجاء ذكرهما عن الرسول ﷺ، وبيّن -عليه الصلاة والسلام- أركان الإيمان حينما سأله جبريل وبيّن له أركان الإسلام أيضاً. والإيمان تارةً يُذكر مطلقاً عن الإسلام، وتارةً يكون مقترناً بالإسلام، والإسلام تارةً يذكر مطلقاً عن الإيمان، وتارةً يذكر مقروناً بالإيمان، فعندما يذكر الإيمان بمفرده أو يذكر الإسلام بمفرده فإن كل واحدٍ منهما متضمنٌ للآخر؛ فإذا كان الإيمان مفرداً فلا بدّ من وجود أعمالٍ تصحح هذا الإيمان وتحققه، وإذا ذُكر الإسلام مفرداً فلا بدّ من وجود إيمانٍ يكون شرطاً في صحة أعمال الإسلام أو أعمال المسلم؛ لأن كل عملٍ لا بدّ فيه من الإخلاص والمتابعة.

        وبناءً على ذلك فإن الخصال المتفرقة التي توجد في القرآن وتوجد في السنة؛ سواءٌ كانت هذه الخصال من باب الأوامر، أو كانت من باب النواهي، فإذا كانت من باب الأوامر فإنها تزيد في إيمان الإنسان وتزيد في إسلامه، وعندما يترك هذا المأمور به على سبيل الوجوب، ولا يكون معذوراً عند الله في الترك فإن هذا -أيضاً- يكون نقصاً في إيمانه وإسلامه، وفي حالة تركه لما حرّم الله
-جل وعلا- سواءٌ كان هذا الترك تركاً عاماً، أو ترك جزئيةً من الجزئيات بعد القدرة عليها تركها لوجه الله -جل وعلا- فإن هذا زيادةٌ في إيمانه وفي إسلامه، ولهذا قال النبي ﷺ: « الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
 ».

        وبناءً على ذلك فالخصال الموجودة في القرآن والخصال الموجودة في السنة ما كان فيها من باب الأمر أو من باب المأمور به وعمله الإنسان فإن هذا يزيد في إسلامه وإيمانه، وإذا كان من باب النواهي وتركه فإنه -أيضاً- يزيد في إيمانه وإسلامه.

        وما ذكر في هذا السؤال هو من هذا الباب. وقوله ﷺ: « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » فهذا يُقصد منه إذا توفرت جميع الخصال فيه مع هذه الخصلة فإنه يكون مسلماً إسلاماً كاملاً. ففيه إسلامٌ كامل، وفيه إسلامٌ ناقصٌ. وهكذا قوله ﷺ: « والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه »، فالجملة الثانية هذه « والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه » هذه الجملة ما تركت شيئاً من أمور الشريعة؛ ذلك أنها مشتملةً على الأوامر، فإن الذي يفعل الأوامر قد هجر تركها؛ لأن الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده الذي لا يجتمع معه، فهذا قد هجرها؛ لأن من أدى الصلاة فقد هجر تركها، وهكذا سائر ما أمر الله -جل وعلا- به؛ وهكذا النواهي فإن الإنسان إذا امتثل ما نهاه الله عنه وحرّمه عليه فقد هجر هذا الشيء المحرم، فمن ترك شرب الخمر، ترك اللواط، ترك الزنا، ترك السرقة؛ وهكذا سائر الأمور التي نهى الله -جل وعلا- عنها فقد هجرها فيكون مهاجراً؛ لكن عندما يفعل الإنسان معصية من المعاصي تكون مؤثرةً على إيمانه وعلى إسلامه. وهذه الأمور هي منقسمةٌ إلى ثلاثة أقسام:

        القسم الأول: ما كان منافياً للأصل، وهذا هو الشرك الأكبر، والنفاق الأكبر، والكفر الأكبر هذه منافية للأصل.

        القسم الثاني: ما ينافي الكمال وهي الشرك الأصغر؛ لأن الشرك الأصغر لا يغفر؛ بل إما أن يقتص من حسناته، وإما أن يدخله الله النار ويطهّره ومآله إلى الجنة؛ أما الذي يموت على ما ينافي الأصل فإن هذا خالدٌ مخلدٌ في النار.

        والقسم الثالث: ما كان من كبائر الذنوب إذا مات الإنسان عليه هو لا يخرج به عن الإسلام، ولا يخرج به عن الإيمان؛ بمعنى: إنه لا يحكم عليه بأنه خارجٌ وبأنه مرتدٌ؛ ولكنه يخاف عليه فإذا مات ولم يتب منها فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإذا شاء عفا عنه. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (1/11)، رقم(10).