Loader
منذ 3 سنوات

حكم ترك صيام رمضان بسبب شدة الحر


  • الصيام
  • 2021-06-19
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (333) من المرسل ف.ع.أ مصري، يعمل في العراق، يقول: منذ ثلاث سنوات كنت أعمل في العراق وجاء علينا شهر رمضان، ولم أستطع صيامه، ولم أستطع تحمل الصيام من شدة الحر، فهل بعد أن أرجع إلى بلدي أصوم الشهر؟ وهل أطعم عن كل يوم مسكيناً؟

الجواب:

        إذا كان الأمر كما ذكرت أنك لم تستطع الصيام من شدة الحر، فصدق كلامك راجع إلى ما بينك وبين الله؛ لأنه هو الذي يعلم الأمور على ما هي عليه، فإذا كان الله يعذرك في هذا الأمر، ففطرك ليس عليك فيه إثم، ويجب عليك أن تقضي الشهر.

        لكن إن أدركك رمضان الذي بعده، وأنت لم تصم رمضان السابق، وكان التأخير لغير عذر، فحينها يجب عليك مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، ومقداره نصف صاع من البر أو الأرز أو من قوت البلد، وذلك عن كل يوم. أما إذا أخرته لعذر شرعي كمرض أو غير ذلك، فحينئذ ليس عليك إلا القضاء.

        أما إذا كنت أفطرت في تلك المدة، ولكن في واقع الأمر لا تكون معذورا فيما بينك وبين الله، فالذي أنصحك به أنك تستغفر الله وتتوب إليه؛ فقد تكون قد قصرت في مجال الاحتياط؛ لأنك تقول إن الحر شديد، فقد تكون قصرت في مجال الاحتياط، وبناء على أن هذا الاحتمال ممكن، فعليك أن تستغفر فيما بينك وبين الله، هذا في ما يخص هذا الجانب، أما جانب القضاء والكفارة فعلى التفصيل الذي سبق، وبالله التوفيق.

        المذيع: مسألة الحر وظروف الجو كثير من الناس يترخصون بها، وخاصة أصحاب الأعمال، فبماذا تنصح؟

        الشيخ: هذه مسألة في الحقيقة مهمة جدا، ولكن هنا نظران لا بد من التنبه لهما:

        أما النظر الأول: فهو من جهة التشريع، وأما النظر الثاني: فهو من جهة التطبيق.

        أما النظر الأول فهو من جهة التشريع: فمن المعلوم أن من القواعد المقررة الثابتة في القرآن والسنة والتي أجمع عليها العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وطبقها الفقهاء في فقههم هذه القاعدة هي أن المشقة تجلب التيسير، ومن الأدلة الدالة على هذه القاعدة قوله تعالى: "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ"[1]، وهذه الآية أبلغ آية جاءت في القرآن في رفع المشقة عن المكلفين، فهذه قاعدة متقررة لا شك فيها.

        وأما النظر الثاني وهو مشكل وهو مجال التطبيق: فمن المعلوم أننا لو نظرنا إلى الأشخاص لوجدناهم يتفاوتون في القوة وفي الضعف؛ يعني أنهم يتفاوتون في القدرة على التحمل هذا من جهة، ومن جهة أخرى طول النهار وقصره يختلف باختلاف البلدان، فالبلاد التي يكون النهار فيها مثلا عشرين ساعة فالشخص الذي لا يستطيع أن يصوم هذا القدر من اليوم هل نقول له: إنه يترخص من أول شهر رمضان ويفطر وليس عليه في ذلك بأس، أم نقول: إنه يصوم مع الناس وإذا تبين له أثناء النهار أنه يتعذر عليه إتمام اليوم، ففي هذه الحال يفطر بقدر ما يسد رمقه ثم يعود للإمساك، وبعد ذلك إذا انتهى الشهر يصوم الأيام التي أفطرها على هذه الصفة، أما القول إن الشخص إذا كان يشتغل في مهنة من المهن كأي نوع من أنواع الأعمال، كشخص يرعى الإبل وما إلى ذلك، وبعدها نقول لكل شخص إذا حصل عليك حر، فإنك تفطر، فهذا من الصعوبة بمكان؛ لأن كل شخص يحتاج إلى دراسة ظروفه من جميع الجوانب، ثم بعد ذلك يطبق على القاعدة الشرعية التي تناسبه.

        ومما يؤسف له أن الكثير من الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس سبب ذلك يرجع إلى سوء تطبيق واقع الناس على قواعد الشريعة، ولو حسن تطبيق واقع الناس على قواعد الشريعة لما حصل في ذلك خطأ، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (6) من سورة المائدة.