حكم التوسط لرجل عند رجل يقرض الناس بالربا ليقرضه مالاً
- البيوع والإجارة
- 2021-07-17
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5913) من المرسل س. أ، من اليمن، يقول: يوجد عندنا شخص تاجر يتعامل بالربا، وهو يقدّم قرضاً للمحتاج بشرط أنه يعطيه آلاف الريالات أو يقول: ألف ريال سعودي، وهو يعادل ستة وثلاثين ألف ريال يمني، ويطلب من المقرض تسديد المبلغ ما يعادل ثلاثة وأربعين ألف ريال يمني، فالفائدة التي حصل عليها هذا التاجر هي سبعة آلاف ريال يمني. السؤال: أنا شخص توسطت كضمين بين هذا التاجر وبين رجل آخر محتاج للمال، وهو في أمسّ الحاجة لهذا المال من أجل زواج ابنه، وليس هناك طريق آخر إلا هذا الطريق، وهو الذهاب إلى الشخص الذي يتعامل بهذا الربا، هل عليّ ذنب في هذه الضمانة؟ ثم ماذا على الشخص الآخر وهو رجل محتاج هل عليه إثم؟ أم ماذا نفعل؟
الجواب:
من المعلوم أن الربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ومن بعدهم من أهل العلم. وجاءت أدلة تصل إلى درجة القطع من القرآن ومن السنة دالة على تحريمه.
ومن صور الربا ما ذكره هذا السائل. ومن المعلوم أن الشخص عندما يكون وسيطاً في أمرٍ مشروع، فإنه يؤجر على قدر نيته وعمله، وإذا كان وسيطاً في أمرٍ محرم فإنه يعاقب على قدر نيته وعلى قدر عمله. والرسول ﷺ « لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه » وقال: « هم في الإثم سواء »، « ولعن الراشي والمرتشي والرائش »، والرائش هو الوسيط بينهما الذي يأخذ الرشوة من الراشي ويدفعها للمرتشي.
فهذه الصورة التي سُئل عنها كلٌّ من المقرض والمقترض والوسيط بينهما، كلّ واحدٍ منهم عليه نصيبه من الإثم. وبهذه المناسبة يجب على كلّ مكلفٍ أن يتقي الله -جلّ وعلا-، وأن ينظر في وجوه المكاسب التي تدخل عليه، فإذا كانت وجوه المكاسب مباحةً حرص على الحصول عليها، وإذا كانت محرمة فإنه يتجنب أسبابها.
ولو انعقدت الأسباب فكما قال الله -جلّ وعلا-: "فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ"[1].
وليعلم المكلف أن إقدامه على ارتكاب هذه المحرمات يترتب على هذا الإقدام عقوباتٌ تكون دنيوية وتكون أخروية، وقد يجمع الله له العقوبة في الدنيا وفي الآخرة، وقد يؤخر العقوبة عليه في الآخرة، وقد يعجلها له في الدنيا، قال -تعالى-: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"[2]، فعلى المسلم أن يتقي الله -جلّ وعلا- ويحرص على الكسب الطيب. وبالله التوفيق.