Loader
منذ سنتين

حكم السكن عند القبور، وإخراج الميت من قبره لتسوية الطريق


  • فتاوى
  • 2021-12-17
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4088) من المرسل ص.د.ع. من الرياض يقول: هناك رجل سكن في مكان معين بقرب مزارعهم بعيداً عن المنزل القديم، وكان بجانب هذه السكن الجديد مقابر، وكان يعلم بذلك قبل التفكير بالسكن، وكان قد سأل كبار قريته التي هو فيها عما إذا كانوا يعرفونهم، فلم يعرفهم أحد، فيما بعد فكر وكان لابد من طريق لبعض المزارع القريبة بالسيارة، فلم يجد حلاً سوى عن طريق مكانين في هذه المقبرة، المكان الأول: المقبرة عبارة عن صفين من القبور، وأضيق مكان في هذه المساحة الطويلة بينها ما يقرب من ثلاثة أمتار على الأقل، وسوف يحيط كل جزء بعازل من الشبك أو الجدار، بحيث لا يكون خطراً على القبور. أما المكان الآخر يفكر أن يخرج أحد القبور ويدفنه في مكان آخر، ويمر بالطريق إذا كان يمكن ذلك، مع العلم أنه لم يفكر بالطريق أولاً والقبور أصبحت بارزة عن سطح الأرض، حتى صارت الأشجار تنبت داخلها، أفيدونا عن هذه القضية جزاكم الله خيراً، مع أن الطريقة الأولى أقل تكلفة على صاحب المنزل، وليس لديه مكان غير الذي ذكر؟

الجواب:

        فيه جرأة من بعض الأحياء على قبور المسلمين؛ لأن المقبورين لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم، والمفروض أن الشخص يمتنع عن الاعتداء على مقابر المسلمين، وكذلك الأراضي التي بين القبور والأراضي التي تعينت مقبرة؛ لأنها بذلك صارت وقفاً، ولا يجوز له أن يتصرف في هذا الوقف. وبإمكان السائل أن يعمل أمرين:

        أما الأمر الأول: أنه يسور جميع هذه القبور وما يتبعها من جميع الأراضي، ولا يجوز له أن يأخذ منها طريقاً ولو طريق قبر.

        والأمر الثاني: أنه يأخذ الطريق من مزرعته، ولا يأخذ الطريق من المقبرة إلى مزرعته، بل يأخذ الطريق من مزرعته من أي جهة ممكنة. وبالله التوفيق.

        المذيع: من للمقابر وسكانها جزاكم الله خيراً؟

        الشيخ: المقابر مربوطة بوزارة الشؤون البلدية والقروية، ويتفرع عن هذه الوزارة فروع من البلديات في جميع أنحاء المملكة، وهذا أمر معلوم عند كثير من الناس؛ لكن قد يوجد شخص يكون بجوار قبور لا تعلم عنها الجهة المسؤولة، وبعض الناس الذين يشاهدون عمله، لا يكون عندهم وازع ديني ولا غيرة يبلغون جهة الاختصاص. والمفروض أن من رأى شخصاً يعتدي على مقابر المسلمين أن يبلغ جهة الاختصاص، وذلك من أجل أن تقوم بما يجب عمله، وبإمكانه إذا لم يبلغ تلك الجهة أن يكتب إلى دار الإفتاء، ودار الإفتاء تتولى عمل ما يلزم من ناحية تحديد المقابر، ومن ناحية تسويرها. وبالله التوفيق.

        المذيع: هل من كلمة للأهالي شيخ عبد الله جزاكم الله خيراً؟

        الشيخ: الرسول ﷺ يقول: « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه » والشخص لا يرضى أن يُعتدى عليه لو كان ميتاً، ولا يرضى أن يعتدى على أبيه وعلى أمه. وقد جاء شاب يستأذن الرسول ﷺ في الزنا، فأجلسه فلما أخذ قليلا التفت إليه، فقال له: « أترضى أن تزني أمك؟ » قال: لا، قال: « فكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم ». قال: « هل ترضى أن تزني أختك؟ » قال: لا، قال: « فكذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم ». ثم قال له: « هل ترضى أن تزني ابنتك؟ » قال: لا، قال: « فكذلك الناس لا يرضون لبناتهم »؟

        فمادام أن الشخص لا يرضى أن يعتدى على قبره، ولا يرضى أن يعتدي على قبر من قبور أقاربه، فكيف يرضى بنفسه أن يعتدي على مقابر المسلمين؟

        وقد جاء رجل إلى الرسول ﷺ وجلس، وقال له الرسول ﷺ: « جئت تسأل عن البر؟ » قال: نعم، قال: « استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمئن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك ». أو كما قال الرسول ﷺ.

        فالإنسان العاقل المنصف لو استفتى نفسه وأنصف في الاستفتاء، وأنصف في الإجابة، لعدل نفسه عن الاعتداء، بدون أن ينبهه أحد، ولكن بعض الناس يكون عنده شيء إما من الغفلة، أو من ضعف الوازع الديني، أو الجشع، أو غير ذلك من الوجوه التي تخّول له الاعتداء.

        والمقصود هو أنه لا يجوز لأحد أن يعتدي على مقابر المسلمين بأي وجه من وجوه الاعتداء. وبالله التوفيق.

        المذيع: إذا كانت المقابر محاطة بالأملاك، ولا طريق إلا من المقابر، هل من كلمة؟

        الشيخ: لا ينبغي أن توضع المقبرة موضع حرج، أصحاب الأملاك بإمكانهم أن يتفقوا مع واحد من أصحاب الأملاك، ويشتروا جزءاً من ملكه؛ ليكون طريقاً له ولهم. وبالله التوفيق.