Loader
منذ 3 سنوات

زوج استولى على مدخرات زوجته وتزوج عليها وتركها مريضة


الفتوى رقم (5856) من مرسل لم يذكر اسمه سوداني مقيم في حائل يقول: "زوج استولى على مرتب ومدخرات زوجته من عملها في الداخل والخارج طوال مدة ثلاثين عاماً، واستثمر المال وقدره مائة ألف جنيه في مشروع من جهده؛ إلى جانب أنه تركها مريضة وتزوج بأخرى، فما الحكم؟

الجواب:

        الله سبحانه وتعالى جعل من خصائص الإنسان أنه منحه صفة التملك؛ بمعنى: إن ذمته قابلة لتملك الشيء، وقابلة للإثم بهذا التملك. ومن القواعد المقررة في الشريعة أنه لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا بطيب من نفسه. وإذا أُخذ ماله من غير طيب من نفسه فإنه يكون غصباً.

        وهذه المسألة المسؤول عنها هي من هذا الباب، فيكون هذا الزوج غاصباً لحق هذه المرأة -لمال هذه المرأة- ويكون آثماً في مدة بقاء هذا الغصب عنده، وواجبٌ عليه أن يعيد إليها جميع ما أخذه منها، وأن يستبيحها من الإثم الذي ترتب عليه في مدة بقاء هذا المال عنده.

        وبهذه المناسبة فإن فيه أمراً هاماً يسأل عنه كثير من الناس. هذا الأمر هو علاقة الزوج براتب المرأة التي تعمل، فيظن أنه حينما عقد عليها العقد الشرعي ملكها بذلك وملك جميع ما تملك، فيعضهم يقول لزوجته: إن راتبك ملكٌ لي وأنا أتصرف فيه، ويمنعها من الاستفادة منه، ويمنعها -أيضاً- من أن تبر به والدتها أو والدها أو إخوانها إذا كانوا قصّاراً فقراء فيمنعها بحق الزوجية، ولا شك أن هذا من الظلم فلا يجوز للزوج أن يتعدى على راتب الزوجة، وأن يأخذ منه شيئاً إلا بطيبٍ من نفسها، ولا يجوز له أن يُلجئها ويستخدم الوسائل التي ترغمها إلى الموافقة فإن الزوجة أمانة في يد زوجها ائتمنه الله -جلّ وعلا- عليها وسائله يوم القيامة عن أداء هذه الأمانة. يقول الله -تعالى-: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"[1]، ويقول -جلّ وعلا: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا"[2]، فمن الأمانات الزوجة عند زوجها، فهو مؤتمنٌ عليها في حدودٍ مشروعة يأخذ الذي له من حقوقٍ مشروعةٍ بسبب عقد النكاح، ويؤدي الحقوق التي عليه؛ أما أنه يستخدم التعسف ويستعمل هذا السبب لما حرمه الله -جلّ وعلا-؛ كمن يستولي على أموالها بحجة أنه زوجها، وأنه لا حق لها في هذه الأموال؛ فهذا من التعسف، ولا يجوز وهو ظلمٌ وغصبٌ. وبالله التوفيق.



[1] الآية (72) من سورة الأحزاب.

[2] من الآية (58) من سورة النساء.