ما الغيبة والنميمة؟
- فتاوى
- 2021-07-12
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5849) من المرسل السابق، يقول: هل تعرفونا بالغيبة والنميمة في شرع الله عزوجل؟
الجواب:
بعض الناس تكون عنده رغبة للكلام ولا تكون عندهم مراقبة لله -تعالى-، وتكون مراقبته للخلق أقوى من مراقبته لله -جلّ وعلا- فيستخفي من الناس ولا يستخفي من الله وهو معه أينما كان، فيشغل لسانه في أعراض الناس، ومن ذلك ما سأل عنه السائل وهو النميمة والغيبة، فالنميمة عبارة عن أن الشخص يكون وسيطاً من نفسه لا من غيره يسمع كلاماً بذيئاً قاله شخص في شخص فيسمع هذا الكلام ويذهب إلى الذي قيل فيه هذا الكلام ويقول: إن فلاناً يقول فيك كذا وكذا وكذا، يتأثر هذا الذي قيل له هذا الكلام فيسب ذلك الشخص الذي قال فيه هذا الكلام. والشخص الذي نقل الكلام حاضر فيتبرع من نفسه إلى نقل هذا الكلام إلى القائل الأول ويقول: أما سمعت ما قال فيك فلان- هو ما يخبره أنه نقل كلامه- أما سمعت أن فلاناً قال فيك كذا وكذا وكذا! فينقل كلام أحد الشخصين إلى الآخر هذه هي النميمة، ولها تأثير عظيم في زرع الفرقة فيما بين الناس؛ وبخاصة إذا كانت الأطراف فيها أطرافاً أسرية، أو أطرافاً مشتركة في عمل من الأعمال؛ وبخاصةٍ إذا كانت الأعمال قيادية ولها أثرٌ في المجتمع، فيزرع هذا الشخص العداوة والبغضاء بين هذين الشخصين، وقد يحصل بينهما تقاطعٌ بسبب هذا الكلام هذه هي النميمة.
أما الغيبة فإن الإنسان يكون مطلعاً على ما يحدث من غيره من الكلام بالنسبة إلى ما يتيسر له الاطلاع عليه، وقد يكون ما اطلع عليه من الأمور المحمودة، وقد يكون من الأمور المذمومة، فإذا كان من الأمور المذمومة نشره في بعض المواضع. والشخص الذي حصل منه هذا الكلام لا يرغب أن تنقل عنه هذه الصفة التي اتصف بها أو هذا الكلام الذي قاله.
يتبين من هذا أن الغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره. والرسول ﷺ حينما سئل عنها قال للسائل: « ذكرك أخاك بما يكره، قال: أرأيت إن كان فيه؟ قال: إن كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتّه » هذا فيه تنبيه على أن الشخص إذا أراد أن يتكلم فإنه يجب عليه أن يتنبه إلى هذا الكلام الذي يريد أن يقوله هل مشروعٌ له أن يقوله أم ممنوع من القول، وهو محاسبٌ على ما يقوله بلسانه؛ سواءٌ كان ذلك من باب الغيبة، أو كان من باب النميمة، ولهذا يقول الله -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)"[1].
فالمقصود هو أن اللسان من الحواس الخمس، وله وظائف مشروعة ووظائف ممنوعة عن الإنسان أن يوظف لسانه فيها، فمن ذلك ما سئل عنه من الغيبة والنميمة؛ وكذلك ما سئل عنه قبل هذا السؤال من الكذب؛ وهكذا شهادة الزور، وغير ذلك من الأمور المحرمة، فعليه أن يستعمل لسانه فيما يعود عليه بالأجر؛ ولهذا الرسول ﷺ قال: « من قال: سبحان الله وبحمده غُرست له نخلةٌ في الجنة ». وقال -أيضاً-: « من قال في يومٍ: سبحان الله وبحمد مائة مرة غفرت ذوبه وإن كانت مثل زبد البحر »، فعلى المسلم أن يعوّد لسانه بما يعود عليه بالأجر بدلاً من أن يعوّده على ما يعود عليه بالإثم من جهة، ويصرفه عما يعود عليه بالأجر من جهةٍ أخرى. وبالله التوفيق.