Loader
منذ سنتين

حكم قراءة المأموم الفاتحة في صلاة الجماعة، وكيفية ذلك؟


الفتوى رقم (1237) من المرسل م.س.ط من حوطة بني تميم، يقول: بعض الأئمة في الصلاة الجهرية لا يدع للمأموم فرصةً ليقرأ الفاتحة، فإن اتبع قول الله تعالى:"وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"[1]، واستمع إلى الإمام، فإنه يخالف قول الرسول ﷺ: « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب » , وإن قرأ الفاتحة، والإمام يقرأ، فقد خالف الآية السابقة، فما العمل أرشدونا جزاكم الله خير الجزاء؟

الجواب:

يُشكر هذا السائل على هذا الانتباه، وعلى هذا الاهتمام في أمر صلاته، وننصحه بأن يتصل بهذا الإمام إذا كان يتمكن من الاتصال به، من أجل بذل النصيحة له وإخباره، بأنه يخفف الصلاة تخفيفاً يحصل على المأمومين ضررٌ منه، وإذا كان لا يتمكن من الاتصال به، فعليه أن يتصل في بعض الأشخاص الذين لهم علاقة بهذا الإمام، ويبين لهم ما يحصل من هذا الإمام، وما يحصل من الضرر على المأمومين، ويطلب منهم أن ينصحوه، هذا بالنسبة لهذا الإمام.

 أما بالنسبة لقراءة الفاتحة خلف الإمام، فقد اختلف فيها العلماء رحمهم الله تعالى، واختلافهم هذا مبنيٌ على ما ورد من الأدلة التي أخذ بها أصحاب كل قولٍ بناءً منهم على أن هذه الأدلة تدل على صحةِ قولهم.

فمنهم من يرى أن الإمام يتحملها عن المأموم؛ لعموم حديث: « من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة » [2].

ومنهم رأى أنه يقرؤها في الصلاة السرية والجهرية، عملاً بقوله ﷺ: « لا صلاة لمن لم يقرا بفاتحة الكتاب » , وكلمة صلاة هذه نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تكون عامةً، والرسول صلوات الله وسلامه عليه قد أعطاه الله جوامع الكلم، وتأخير البيان عن وقته، لا يجوز في حقه ﷺ، فلم يبين هنا أن هذا خاصٌ بالإمام، لا أنه خاص بالمأموم، ولا أنه خاصٌ بالمنفرد، وبناءً على هذا يكون عاماً للإمام، والمأموم، والمنفرد، والإمام لا إشكال فيه، والمنفرد لا إشكال فيه، وإنما الإشكال في المأموم.

المقصود: أن المأموم داخل في هذا الحديث، فأخذوا بهذا الحديث، وقالوا لا يجوز للشخص أن يترك قراءة الفاتحة، سواء في الصلاة الجهرية أو السرية.

ومن العلماء من ذهب إلى أنه يجب عليه أن يقرأها في الصلاة السرية، وأما الجهرية، فإنه يتحملها عنه الإمام، ويتابعه في قراءته.

والقول الذي تجتمع فيه الأدلة هو القول بأنه يقرؤها في السر، ويقرؤها في الصلاة الجهرية، يتحين سكتات الإمام ويقرأ فيها، وإذا لم يتمكن من قراءة الفاتحة إلا مع قراءة المأموم، فإنه يقرأ الفاتحة، ولو كان الإمام يقرأ؛ لأن هذا القول فيه براءة للذمة، وفيه احتياط، وفيه خروجٌ من خلاف العلماء؛ لأنه ما فيه أحد من أهل العلم يقول إنه إذا قرأ الفاتحة تبطل صلاته، فصلاته صحيحة على كل حال، وإذا أخذ بهذا القول يكون فيه اطمئنان بقلبه، وأنه أدى صلاته على أكمل وجه، وهذا القول هو الذي تجتمع فيه الأدلة. وبالله التوفيق.



[1] الآية (204) من سورة الأعراف.

[2] أخرجه أحمد في مسنده(23/12)، رقم(14643)، وابن ماجه في سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا(1/277)، رقم(850).