Loader
منذ سنتين

ما أسباب عذاب القبر وكيف ينجو المسلم منه؟


الفتوى رقم (10374) من المرسل ح. ص. ح مصري من محافظة الفيوم، يقول: ما أسباب عذاب القبر؟ كيف ينجو المسلم من عذاب القبر؟

الجواب:

        الله -سبحانه وتعالى- أرسل الرسل وأنزل عليهم الكتب، وكل رسول كان يُبعث إلى قومه خاصة، فقد يوجد رسولان في وقت واحد؛ كما وُجد إبراهيم -عليه السلام- ولوط -عليه السلام-. وآخر الرسل محمد ﷺ، وآخر الكتب القرآن، ورسالة الرسول ﷺ عامة للإنس وللجن إلى أن تقوم الساعة.

        والأمة بالنسبة لهذا القرآن وهذه الرسالة أمة دعوة وأمة إجابة.

         فأما أمة الدعوة: فَهُم جميع المكلفين من الإنس ومن الجن، كما قال
-تعالى-:
{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[1]، وقوله: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[2]، وقوله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)}[3].

        وأما أمة الإجابة فهم الذين استجابوا لدعوة الرسول ﷺ وللعمل بما يخصهم من القرآن؛ ذلك أن التكاليف الشرعية قسمان:

        القسم الأول: تكاليف عينية؛ يعني: واجب عيني على كل مكلف أن يتعلم هذه التكاليف.

        وواجب كفائي: بمعنى أنه من فروض الكفايات فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.

        وبناء على ذلك فكل مكلف من الإنس والجن يجب عليه أن يتعلم ما أوجب الله عليه من ناحية فعله، وما نهاه الله عنه من جهة تركه.

        وعندما يكون الشخص على هذه الصفة؛ بمعنى: إنه تعلم ما يجب عليه فعله، ويحرم عليه تركه، ويعمل بما أوجب الله عليه، ويترك ما حرَّم الله -جل وعلا- ويستقيم على هذه الطريقة يكون من أمة الإجابة، ولهذا الرسول ﷺ قال: « افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: « من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ». فهذه هي الفرقة الناجية وهي أمة الإجابة، هذه الفرقة هي التي ينجيها الله -جل وعلا- من عذاب القبر، ولهذا شرع الله -سبحانه وتعالى- للإنسان أن يتعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر في التشهد في جميع الصلوات؛ سواء كانت الصلاة فرضاً، أو كانت الصلاة نفلاً؛ يعني: يتعوذ في التشهد الأخير، وقد قال الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[4].

        وبناء على ذلك فإن الإنسان يحتاج إلى مراقبة نفسه، وهذه المراقبة تتركز على المحافظة على فعل ما أُمر به، وترك ما حرّم الله عليه، وعندما يزيد في باب الأمر من جهة فعل الأمور المستحبة؛ سواء كانت قولية، أو فعلية، أو كانت مالية؛ لأن هذه الأمور عندما يحصل نقص في الواجبات فإن كل نوع من هذه المستحبات يُجبر به النقص الذي يحصل في النوع المماثل له من الواجبات.

        وعلى الإنسان أن يكثر من الدعاء ومن الثبات على هذا الدِّين، وأن يُكثر من الاستغفار فقد كان ﷺ « يُعدّ له في المجلس الواحد أكثر من مائة مرة من الاستغفار ». وبالله التوفيق.



[1] الآية (1) من سورة الفرقان.

[2] من الآية (19) من سورة الأنعام.

[3] الآيتان (29-30) من سورة الأحقاف.

[4] الآية (102) من سورة آل عمران.