حكم اشتراط النية للصيام في كل ليلة من رمضان
- الصيام
- 2021-09-05
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1298) من المرسل ع.م، من الرياض. يقول: هل تشترط النية للصيام في كل ليلةٍ، أم تكفي مرةً واحدةً في أول الشهر؟ وهل يجهر بها أم يُسر؟
الجواب:
أولاً: أنه يجب على الشخص أن يبيت النية من الليل بالنسبة للصيام الواجب، والأصل في ذلك قول النبي صلوات الله وسلامه عليه: « من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له »[1]، والعموم الذي في هذا الحديث هو عمومٌ في الصيام الواجب، وأما صيام النفل، فإنه لا يدخل في هذا العموم، فإن الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- دخل على عائشة ل ضحىً في يومٍ من الأيام، فقال لها: « هل عندكم شيء؟ » قالت: لا، قال: « إني إذن صائمٌ »[2]، فهذا دليلٌ من الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- على أن صيام النفل لا مانع من تأسيس نيته نهاراً، وأما الصيام الواجب، فإنه يكون قبل طلوع الفجر.
أما كون الشخص يؤسس نيةً لرمضان فقط من أوله وتكفي، هذا يخالف قول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: « من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له ». ومن المعلوم أن كل يومٍ من الأيام له ليلة، فدل هذا الحديث على أنه لابد من تبييت النية في كل ليلةٍ من الليالي.
وأما قول السائل: هل يسر بها الشخص، أو يجهر بها؟
فالحقيقة أن مسألة الجهر بالنية، كثيرٌ وقوعها من الناس، لا بالنسبة للصيام، ولا بالنسبة للصلاة، وكذلك كثير من الأعمال يجهرون بالنية فيها، والنية عبادة من العبادات، والعبادات مبنيةٌ على التوقيف، ولم يُعلم عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه - أنه جهر بالنية في عملٍ من الأعمال، ولو حصل منه ذلك لنقل إلينا.
لكن حصل منه - صلوات الله وسلامه عليه - الجهر بالمنوي في موضعين:
أما الموضع الأول، فهو: حينما أحرم في حجة الوداع، صرح بالنسك الذي أحرم به، ولكنه لم يصرح بالنية، وإنما صرح بالمنوي[3].
وأما الموضع الثاني، فهو: لما أراد أن يضحي قال: « اللهم إن هذا عن محمدٍ، وعن آل محمد »، وكذلك بالنسبة للثاني يعني أنه صرح بالمنوي بالحج، وصرح بالمنوي للأضحية.
أما التصريح بالنية، فلم ينقل عنه ﷺ في ذلك شيءٌ، وكما قلت في بداية الجواب: أن الأصل في هذا الباب هو: التوقيف، وبناءً على هذا، فالذي يجهر بنيته في الصيام، أو في الصلاة يكون مبتدعاً؛ لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قال: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، وفي رواية: « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد »، فالتصريح بالنية في الصلاة أو الصيام مثلاً، هذا ليس فيه أمرٌ من النبي - صلوات الله وسلامه عليه-، وليس فيه فعلٌ منه ولا إقرار، وهذه الأمور الثلاثة لم يثبت شيءٌ منها، ولم يثبت أيضاً دليلٌ من القرآن، يدل على ذلك فيبقى على المنع، ويكون الذي يجهر بالنية في صلاته، أو في صيامه مبتدعاً. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه النسائي في سننه، كتاب الصيام(4/197)، رقم(2234)، والدارمي في سننه، كتاب الصيام، باب من لم يجمع الصيام من الليل(2/1057)، رقم(1740)، وأخرجه بلفظ آخر أبو داود في سننه، كتب الصوم، باب النية في الصوم(2/329)، رقم (2454)، والترمذي في سننه، أبواب الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل (3/99)، رقم(730).
[3] ينظر: ما أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة(2/139)، رقم(1551)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب إهلال النبي ﷺ وهديه(2/915)، رقم(1251).