Loader
منذ 3 سنوات

حكم تأخير صلاة الظهر في بعض الأيام بسبب منع إدارة المدرسة أداءها لتعارضها مع الحصص


  • الصلاة
  • 2021-09-08
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1464) من المرسل ع.ع.ع. م، من جدة، يقول: أنا طالب في إحدى المدارس المتوسطة، وهناك مشكلة نواجهها نحن الطلبة من ناحية صلاة الظهر؛ حيث إننا -ولله الحمد- نؤدي الصلاة جماعة في المدرسة أيام السبت والأحد والإثنين؛ أما يوما الثلاثاء والأربعاء فإن إدارة المدرسة لا تسمح لنا بالصلاة جماعة ولا فُرادى؛ مُحتجة بأن وقت الصلاة يُصادف الحصة السادسة وهي الأخيرة من هذين اليومين؛ مُتجاهلة بأن الله لا يُبارك في عملٍ يُؤدى وقت الصلاة المكتوبة، ونحن نضطر في هذين اليومين أن نُصلّي في منازلنا بعد العودة من المدرسة، فما حكم الشرع وموقفه تجاه مثل هذه التصرفات التي تصدر من بعض المدارس التي تدّعي أنها تُربي وتُدرس وتُعلم الأجيال أمور دينهم ودنياهم؟ وما حكم الشرع بالنسبة لنا كطلبة من ناحية أداء الصلاة فُرادى وفي منازلنا، وبعد دخول وقت الصلاة بما لا يقل عن خمسٍ وأربعين دقيقة؟ وهل صلاتُنا صحيحة؟ وكيف نتصرف إزاء هذا الأمر الجلل؟

الجواب:

        هذه المسألة في الحقيقة تُنبِّه على أمرٍ مهم، وهذا الأمر المهم هو واسع ومتعدد الجوانب؛ ولكن قاعدة هذا الأمر هي أن الذين يضعون البرامج لا ينتبهون لأوقات الصلاة، ففيه بالنسبة للمدارس الابتدائية والثانوية والمتوسطة؛ وكذلك بالنسبة للجامعات، وبالنسبة للمجالات الأخرى من الأعمال التي تسير على نظام الساعات، فيضعون برنامجاً للعمل، ويتخلل هذا البرنامج وقت الصلاة؛ سواءً كانت الصلاة هي صلاة الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء. وقد يمضي وقت الصلاة والأشخاص يؤدون عملهم ولا يصلون، فالحقيقة أن هذه الظاهرة تحتاج إلى علاج جذري وهو القضاء على هذه الظاهرة من جهة أن وضع البرامج لا ينبغي أن يتعارض مع وقت الصلاة.

        ففي هذه المسألة المسؤول عنها بالإمكان أن يقدم وقت الدراسة؛ بحيث إنهم ينتهون من الدراسة عند أذان الظهر، وبهذه الطريقة يخرجون ويصلون في المساجد، أو أنهم يؤخرون الحصة السادسة وتكون بعد الصلاة، ويكون فيه فرصة بين الخامسة وبين السادسة، وهذه الفرصة تُؤدى فيها الصلاة، وهذا الكلام الذي ذكرته فيما سأل عنه السائل يندرج تحته جميع الجهات التعليمية التي تكون فيها دراسة.

        وكذلك بالنسبة للعمال الذين يشتغلون في الشركات تجد أن صاحب العمل يضع لهم ساعات ولا يُقيم وزناً بالنسبة للصلاة، فيأتي وقت الصلاة ويخرج، وهؤلاء يشتغلون في عملهم ولا يصلون، وإذا سألتهم: لماذا لا يصلون؟ قالوا: إن صاحب العمل يخصم علينا إذا غبنا للصلاة، ففي هذه الحال صاحب العمل قد عارض حق الله -جلّ وعلا- وقدّم حق نفسه على حق الله -جلّ وعلا-. وتعلُق الصلاة في ذمم المكلفين مقدم على تعلق حق هذا المخلوق في ذممهم، فلا يجوز لشخصٍ أن يضع نظاماً يحول بين الشخص الذي يُوضع له النظام يحول بينه وبين أداء الصلاة؛ بل الواجب هو التعاون على البر والتقوى، وأن يكون صاحب العمل أو مدير المدرسة أو الجهات العليا المسؤولة الأخرى واجب عليهم أن يؤدوا ما يلزمهم في ذلك شرعاً هذا من جهة.

        ومن جهةٍ أخرى على الطرف الآخر وهو المكلف بالصلاة أن يساعد تلك الجهات على أداء الصلاة في الوقت الذي يكفي؛ لأن فيه بعض الأشخاص يستغل هذه الفرصة فيتوسع في وقت الصلاة، فبدلاً من أن يؤدي الصلاة في عشر دقائق أو ربع ساعة، يذهب ساعة كاملة أو ساعة ونصف، وعندما يأتي ويُقال له: أين ذهبت؟ فيقول ذهبت للصلاة.

        فالمقصود أنه لا بدّ من التعاون بين الجهة التي تكلِّف الشخص وبين الشخص من ناحية أن الصلاة تؤدى جماعةً في وقتها.

        وأما ما سأل عنه السائل في آخر سؤاله من أنهم يؤدون الصلاة بعدما يمضي وقت من دخول وقتها، فالشيء الذي أُحب أن أنبّه عليه هو أن وقت الظهر يدخل من زوال الشمس ويخرج إذا كان ظل كل شيءٍ مثله مع فيء الزوال، ثم يدخل وقت العصر ووقت العصر ينقسم إلى قسمين:

         القسم الأول: وقت اختيار، ويمتد إلى اصفرار الشمس.

        والقسم الثاني: وقت اضطرار، وهو من اصفرار الشمس إلى غروبها.

        وأما وقت المغرب، فإنه من غروب الشمس، ويمتد إلى أن يغيب الشفق.

        وأما وقت العشاء، فإنه يدخل من وقت غيبوبة الشفق، ويمتد الوقت المختار إلى نصف الليل، ثم بعد ذلك يبدأ وقت الضرورة من نصف الليل إلى طلوع الفجر، ثم بعد ذلك يدخل وقت الفجر ويمتد إلى طلوع الشمس؛ هذا هو تحديد بداية وقت كلّ صلاة ونهايته.

        فعلى الشخص أن يتقيد في تحديد مواقيت الصلاة، ويؤدي الصلاة في وقتها جماعة، ولا يجوز له أن يتساهل في ذلك، ولا يجوز لصاحب العمل أن يمنعه من ذلك؛ لأنه إذا تسبب في منعه، فلا شك أنه آثم، وعلى الجميع أن يتعاونوا على البر والتقوى، بدلاً من أن يتعاونوا على الإثم والعدوان. وبالله التوفيق.

        المذيع: الواقع شيخ عبد الله هذه القضية كما تفضلتم قضية هامة؛ لا سيما أن المدارس هي مكان للتربية والتعليم كما يقول أخونا، حبذا لو أضفتم كلمتين حول هذه القضية شيخ عبد الله.

الجواب:

        الواقع أن مسألة كون المدارس دور للتربية والتعليم، فلا شك أن هذا صحيح؛ ولكن ليست المدرسة هي محل للتربية والتعليم فقط، فإن التربية والتعليم تتعلق به جوانب متعددة:

الجانب الأول: البيت.

والجانب الثاني: المجتمع.

والجانب الثالث: المدرسة.

والجانب الرابع: وسائل الإعلام التي يتلقاها على وجوه مختلفة.

        فالمدرسة إذا حصل منها تساهل في جانب من الجوانب، فلا شك أنها تسيء في تربية الأولاد، فإذا كان مدير المدرسة أو كان المدرسون لا يعبؤن بالصلاة لا من جهة أنفسهم فتجد بعض المديرين يترك الناس يصلون وهو جالس في مكتبه، أو بعض الموظفين بشكل أوسع؛ فالمقصود أن الطالب في المدرسة إذا رأى المدير لا يصلّي، أو رأى المدرس الذي يُدرسه لا يُصلي يُمكن أن يتأثر بهذا الخُلق السيئ، وبعد ذلك يتساهل في أمر الصلاة.

        كذلك بالنسبة لوالده إذا كان والده متساهلاً في الصلاة، وكذلك بالنسبة للمجتمع الذي حوله إذا حصل منهم تساهل في الصلاة؛ فينشأ الطالب على التساهل في الصلاة، وفي هذه الحال إذا لم يُراعَ جانب البرنامج من ناحية أنه يُوضع في وقت لا يتعارض مع وقت الصلاة، فحينئذٍ يستمر الطالب على التساهل في أمر الصلاة، وبهذا يكون ذلك من أخلاقه في حياته المستقبلية، وقد ينشأ أولاده عندما يُرزق بأولاد قد ينشؤون على هذه الطريقة، فتكون النتيجة نتيجة سيئة، وهذه النتيجة السيئة اجتمعت من جهات متعددة، من جهة المنزل لا يعبؤن بالصلاة، ومن جهة المدرسة لا يهتمون بالصلاة؛ وكذلك من جهة المجتمع؛ لأن مجتمع الشباب يتأثر بعضهم من بعض، فهؤلاء يدرسون في المدارس، وإذا كانت مدارسهم على هذا الشكل وبيوتهم على هذا الشكل؛ فهم يكوّنون مجتمعاً لا يُبالي بالصلاة.

        فعلى ولي الأمر الذي هو صاحب البيت أن يُنشّئ ابنه تنشئةً صالحةً من جميع النواحي ومنها مسألة الصلاة، وكذلك بالنسبة لمدير المدرسة وكذلك المدرسون عليهم أن يُشعروا طلابهم بمكانة الصلاة، وأنها ركن من أركان الإسلام، وأن الشخص عندما يتركها يكون كافراً؛ إلى غير ذلك من الأمور التي يكون فيها ترغيب لهم من جهة، وترهيب لهم من جهة أخرى. وبالله التوفيق.