Loader
منذ سنتين

ما نصيحتكم لمن يهمل تربية الأبناء ويدخل وسائل الدمار الأخلاقي في بيته دون اكتراث؟ هل هو غاش لهؤلاء الأبناء؟


  • فتاوى
  • 2022-01-01
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (8137) من المرسل ف. س، يقول: ما نصيحتكم لمن يهمل تربية الأبناء ويدخل وسائل الدمار الأخلاقي في بيته دون اكتراث؟ هل هو غاش لهؤلاء الأبناء؟

الجواب:

        يقول الرسول ﷺ: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع في المسجد ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والعبد راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ».

        فكل شخص قيادي بدءاً من رب الأسرة وارتفاعاً إلى أعلى درجة من درجات الولاية في أي نوع من أنواعها سواءً كانت ولاية إدارية، أو ولاية شرعية، أو ولاية قضاء، أو ولاية حسبة، أو ولاية دعوة إلى غير ذلك من الولايات، فهو راعٍ لِمن هو قائد لهم، وقد استرعاه الله عليهم، وسيسأله يوم القيامة عن أداء هذه الأمانة التي تحمّلها؛ كما قال -جل وعلا-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[1]، وكما قال في موضع آخر: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)}[2].

        وقد جاء عن الرسول ﷺ أنه قال: « لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه، وعن علمه فيما عمل به »[3].

        فهذا الشخص مسؤول عن أولاده، ومسؤوليته أن يدلهم على أمور الخير ويجنبهم أمور السوء، وإذا كان هو الذي يأتي إليهم بالأمور السيئة مثل ما يفعله بعض الناس بأن يكون له مجلس خاص في بيته فيه آلة من آلات الاتصال التي تفتح له القنواتِ السيئة، فيجمع أولاده وزوجته بعد صلاة العشاء ويجلسون ساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات، فلا شك في أنه غاشٌّ لنفسه، وغاشٌّ لزوجته، وغاشٌّ لأولاده، والرسول ﷺ يقول: « من غشنا فليس منا »، والغش قد يفهمه بعض الناس على أنه خاصٌّ بالمعاملات المالية، وهذا الفهم ليس بصحيح؛ فالغش عامٌّ في جميع أمور الشريعة، ومن ذلك ما يحصل من الغش في تربية الأب لأولاده، أو الأم لبناتها، أو في معاملة الرجل لزوجته، أو المدرس لتلاميذه، أو غش المولّى على عملٍ من أعمال المسلمين، أو الغش في المعاملات المالية.

        المهم أن الغش عامٌّ في جميع أمور الشريعة، وليس خاصّاً بباب المعاملات المالية كما يفهمه بعض الناس، فعلى سبيل المثال التقريبي: لو جاء شخصٌ واستشارك في الزواج من امرأة، أو استشارك ولي امرأة في تزويج ابنته برجل، وأنت تعلم عيوباً في هذه البنت أو تعلم عيوباً في هذا الرجل، ونصحت بتزويجه، فإنك تكون غاشّاً؛ لأنك أخبرت بغير الواقع المطلوب شرعاً.

        فعلى كل شخصٍ أن يحذر من أن تكون تصرفاته من باب الغش؛ فإن الله سيسأله يوم القيامة لمَ فعلت؟ وكيفَ فعلت؟ لمَ فعلت أي: هل فعلت هذا الأمر ابتغاءَ مرضاةِ الله؟ وكيف فعلت أي: هل فعلتَ هذا الأمر متابعةً لما جاء عن رسول الله ﷺ؟

        فإذن لا بد في العمل من الإخلاص والمتابعة، فالغاش هذا خالٍ من الأمرين؛ من القصد الحسن، ومن المتابعة، فتخلف فيه هذان الشرطان جميعاً، وبالله التوفيق.



[1] الآية (72) من سورة الأحزاب.

[2] الآيات (6 - 7) من سورة الأعراف.

[3] أخرجه الترمذي في سننه، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، باب في القيامة(4/612)، رقم (2416).