الأثر الذي تتركه الصلاة على حياة الإنسان، وما السبل والوسائل التي تجعله يحافظ عليها؟
- المصالح والمفاسد
- 2022-05-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11642) من المرسل ن. ن. ش، يمني مقيم بالمملكة في رفحاء الحدود الشمالية، يقول: الصلاة المفروضة على المسلم خمس مرات في اليوم التي هي صلة بين العبد وربه. وحاجة المسلم لها لصلاح دينه ودنياه وللنعيم في الآخرة، قد يكون بعض منا في شأنه إما يتأخر أو يتركها أحياناً. أرجو منكم أن تبينوا لنا الأثر الذي تتركه الصلاة على حياة الإنسان، وما السبل والوسائل التي تجعل الإنسان يحافظ عليها؟
الجواب:
من قواعد هذه الشريعة أن الله أمر بأمورٍ كلف بها عباده؛ سواءٌ كانت من جهة الأقوال أو الأفعال، أو كانت من أعمال القلوب. ونهى عن أمورٍ كلّف عباده باجتنابها؛ سواءٌ كانت أقوالاً أو أفعالاً، أو من أعمال القلوب.
وقاعدة الشريعة في الأمر أن الله -سبحانه وتعالى- لا يأمر إلا بما فيه مصلحة. والمصلحة قد تكون دنيوية وقد تكون أخروية، وقد تكون أخرويةً ودنيوية جميعاً؛ يعني: يجتمع فيها الأمران.
وهكذا بالنسبة للنهي فإن الله -سبحانه وتعالى- لا ينهي إلا عما فيه مفسدة، وهذه المفسدة قد تكون أخروية، وقد تكون دنيوية، وقد يكون فيها الجمع بين الدنيوية وبين الأخروية.
وترك المأمور به دون عذر شرعي هذا مفسدة، وفعل المنهي عنه هذا فيه مفسدة، وتركه فيه مصلحة، فإذن المصالح في هذه الشريعة مرتبة على فعل المأمور به وترك المنهي عنه، والمفاسد مرتبة على ترك المأمور به، وعلى فعل المنهي دون عذرٍ شرعي أو دون مستندٍ شرعي.
وعلى هذا الأساس إذا نظرنا إلى الصلاة وجدنا أنها ركنٌ من أركان الإسلام، ولهذا الرسول ﷺ إذا حزبه أمرٌ، قال: « أرحنا يا بلال بالصلاة »، وقال الله -جل وعلا-: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[1]، فلا شك أن الصلاة شأنها عظيم.
ولهذا من فضل الله وإحسانه أن الله -سبحانه وتعالى- شرع لها أوقاتاً، وجعل هذه الأوقات موسعة، فإذا نظرنا إلى وقت الظهر وجدنا أنه يبدأ من زوال الشمس وينتهي إذا كان ظل كل شيءٍ مثله مع فيء الزوال، ثم يدخل وقت العصر والمختار يمتد وقت العصر حتى يكون ظل كل شيءٍ مثليه مع فيء الزوال، ثم يدخل وقت الضرورة إلى غروب الشمس لقوله ﷺ: « من أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ». ثم يدخل وقت المغرب بغروب الشمس، ويستمر حتى يغيب الشفق، وهو بمقدار ساعة ونصف تقريبا، ثم يدخل وقت العشاء ووقت الاختيار فيه إلى منتصف الليل وبعد منتصف الليل يكون وقت ضرورة إلى طلوع الفجر، ثم يدخل وقت الفجر ويمتد إلى طلوع الشمس، لقوله ﷺ: « من أدرك ركعةً من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر ».
وبناءً على ذلك كله فإن الوقت فيه سعة من جهة أداء المكلف، ولهذا قال ﷺ: « أول الوقت رضوان الله، وأوسطه عفو الله، وآخره مغفرة الله ».
فالإنسان إذا أمكنه أن يصلي مع جماعة المسلمين؛ لأن صلاة الإنسان مع الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجة، فيحافظ على الصلاة مع الجماعة؛ لكن لو عرض له عارض من نوم مثلاً فإنه إذا قام فإنه يصلي؛ سواءٌ كان في وقت نهيٍ، أو في غير وقت نهيٍ.
والحاصل من هذا الكلام كله هو أن الصلاة ركنٌ من أركان الإسلام، وأن المحافظة عليها متعينة، وأن تركها كفرٌ لقوله ﷺ: « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر »، وقال ﷺ: « بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة »، وقال عمر -رضي الله عنه-: « لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ».وقال -جل وعلا-: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44)}.. إلى آخر الآية[2].
وبناءً على ذلك فعلى الشخص أن يتعاهد هذه الصلاة وأن يحافظ عليها؛ لأنها هي أول ما يُنظر فيه من أعمال العبد، فإن صلحت هذه الصلاة صلح سائر العمل، وإن فسدت هذه الصلاة فسد سائر العمل. وبالله التوفيق.