Loader
منذ 3 سنوات

حكم قراءة القرآن على الميت، وحصول الأجر للميت والقارئ والمستمع


الفتوى رقم (1719) من المرسل ي. ع من العراق -نينوى، يقول: عندما يُتوفى أحد الأشخاص من المسلمين، لدينا طريقة وهي قراءة القرآن، فهل يصل ثواب القرآن إلى الميت وإلى القارئ وإلى المستمع؟ وهل هو جائز؟

الجواب:

 هذه المسألة من المسائل المبتدعة؛ لأنها لم يسبق لها مشروعية لا في عصر الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- لا من جهة قوله ولا من جهة فعله، والصحابة -أيضاً- لم يفهموا ذلك من كتاب الله، ولا من سنة رسوله ﷺ ؛ يعني: إن الميت إذا مات يجلس واحدٌ أو أكثر ويقرؤون القرآن على روحه، أو يجلسون على القبر ويقرؤون القرآن عليه، قد يكون ذلك بأجرة، وقد لا يكون بأجرة.

والأصل في هذه المسائل هو التوقيف، فلا يجوز لشخصٍ أن يفعل عبادةً من العبادات إلا إذا دلّ الدليل على مشروعيتها، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال:« من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي رواةٍ: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ».وهذه البدعة يروّجها أشخاصٌ لهم منها مصلحةٌ مادية، ولهم منها مصلحةٌ اجتماعية؛ وأما المصلحة المادية فما يأخذونه مقابل القراءة،ذلك أنه يندر أن يقرأ شخصٌ على ميتٍ قبل دفنه أو على قبره بدون أجرة؛ وأما المكانة الاجتماعية فهو أن الشخص الذي يسلك هذا المسلك يريد أن يضع نفسه في المجتمع موضعاً مقبولاً، ولا شك أن الشخصية المقبولة في المجتمع لها آثارها من الجوانب المختلفة.

وعلى هذا الأساس: فلا ينبغي أن يغترّ بالأشخاص الذين يروّجون هذه البدعة، والشخص الذي يجلس يستمع لهذه القراءة، هذا ليس بمأجورٍ على عمله هنا؛ لأن هذا مجلس من مجالس البدع، فليس بمأجور على حضوره وعلى تشجيعه لهذه البدعة؛ وكذلك بالنسبة للقارئ؛ لأن عمله هذا بدعة، والبدعة لا يُثاب عليها الشخص؛ بل يأثم عليها إذا كانت من البدع المحرمة، وهذه البدعة المسؤول عنها من البدع المحرمة، فالميت لا يصل إليه ثواب، والقارئ ليس بمثابٍ؛ وإنما هو آثم، والمستمع ليس مأجوراً على استماعه، وإذا كان قصده تشجيع هذه البدعة؛ فإنه يكون آثماً.

والخير كلّه في اتباع هدي الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-؛ لأن كلّ عملٍ يعمله الشخص لا بدّ فيه من الإخلاص والمتابعة؛ فأما الإخلاص فيكون لله -جلّ وعلا-؛ وأما المتابعة فهو أن يكون على هدي رسول الله ﷺ ، وهذان الشرطان للعبادة جاء في القرآن وفي السنة؛ فأما مجيئهما في القرآن ففي مثل قوله تعالى:"بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ"[1]، وفي قوله تعالى:"وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ"[2]؛ وأما بالنسبة للسُّنة ففي قوله ﷺ: « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكلّ امرئٍ ما نوى »، فهذا بالنظر إلى القصد؛ وأما بالنظر إلى المتابعة ففي قوله ﷺ : « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ».

 فحينئذٍ يكون الأمر المقبول هو ما كان موافقاً لسّنّة رسوله ﷺ ، وما قُصد به وجه الله. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (112) من سورة البقرة.

[2] من الآية (22) من سورة لقمان.