ما أسباب ضعف الإيمان، وما علاماته وكيف يعالج؟
- الإيمان
- 2022-02-09
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11080) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما أسباب ضعف الإيمان؟ وما علامات هذا الضعف؟ وكيف يعالج المسلم ضعف الإيمان الذي ينتابه بين الفترة والأخرى؟
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- ركب الإنسان من الروح ومن البدن، وجعل للبدن غذاء، وهذا الغذاء يأتيه عوارض، وجعل للروح غذاء، وهذا الغذاء يأتيه -أيضاً- عوارض تعرض للإنسان، فالله -سبحانه وتعالى- قال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[1] فالله -سبحانه وتعالى- أوجد المآكل والمشارب والملابس والمساكن كلها من أجل مصلحة البدن؛ لكن الله -تعالى- أرسل الرسل، وأنزل الكتب من أجل الغذاء الروحي؛ يعني: التكاليف التي كلفهم الله بها من ناحية ما طُلب منهم أن يفعلوه، فيتقيدون بهذه الأمور وهذه النواهي.
ومن المعلوم أن الله -جلّ وعلا- أرسل كلّ رسول إلى قومه خاصة: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}[2]؛ لكن الرسول ﷺ هو آخر الرسل، وشريعته كاملة وعامة، يقول الله -سبحانه وتعالى-: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[3] ويقول -جلّ وعلا-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[4] ففيه أدلة كثيرة دالة على عموم هذه الشريعة.
البدن تعرض له الأمراض الحسية: مرض العين، مرض الأنف إلى غير ذلك من الأمراض، وأُنشئت المستشفيات من أجل معالجة الأمراض التي تعرض للجسد. جميع المستشفيات الموجودة في العالم بصرف النظر عن اختلاف التخصصات كلها تخدم جسم الإنسان.
أما بالنظر للروح فكما أن غذاءها هو العمل بشرع الله بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، والتصديق في ذلك كله؛ وكذلك تصديق ما أخبر الله به على الوجه الذي يرضيه؛ كما قال الشافعي ‘: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسل الله وما جاء عن رسل الله على مراد رسل الله.
لكن يعرض عوارض، والعوارض هذه من الإنسان نفسه، فعندما يتخلف عن صلاة الجماعة، ولا يكون لديه عذر شرعي. أو يترك صيام شهر رمضان دون عذر شرعي، أو يشرب الخمر، أو يفعل الزنا أو غير ذلك؛ يعني: غرضي أنه يترك ما أمر الله به عمداً، ويفعل ما حرم الله عمداً؛ لكن لا يكون له عذر شرعي في ذلك.
هذه المعصية عندما تحصل من الشخص تكون من العوارض التي عرضت للروح، وكونها عرضت للروح يكون لها -أيضاً- تأثير على البدن، فقد تكون المعصية مثلاً في الأذن في سماع المحرمات ويصل هذا إلى الروح، وقد يكون في العين ويصل إلى الروح.
وعلى هذا الأساس يكون الإنسان عنده مرض نشأ بسبب هذه المعصية، هذا المرض يضعف جانب الإيمان عنده. وكلما كثرت المعاصي من ترك الأوامر أو فعل الأمور المحرمة ازداد المرض، وعندما يزداد المرض عند الإنسان تضعف الجوارح عن عمل أمور الخير التي تفعل بهذه الجوارح، فتجد بعض الناس الآن يؤقت الساعة على وقت الدوام، لماذا؟ لأنه كثرت المعاصي عنده، فأصبح عنده مرض بسبب هذه المعاصي.
الله -سبحانه وتعالى- من فضله وإحسانه على عباده أنه شرع التوبة، وهذه التوبة علاج لهذه الأمراض؛ لكنها تكون توبة صادقة، ولهذا يقول الله -جلّ وعلا-: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[5]، ويقول -جلّ وعلا- في الحديث القدسي: « يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب فاستغفروني أغفر لكم »؛ لكن المشكلة عندما يكون عند الإنسان تساهل ؛ يعني : يستمر بالمعاصي، وقد يأتيه الموت وهو على حالة لا ترضي الله -جلّ وعلا-. والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[6].
فعلى الإنسان أن يتفقد نفسه ليلاً ونهاراً من جهة الأمور المرضية لله؛ وكذلك من جهة الأمور المسخطة إلى الله، ويتوب منها توبة صادقة. وبالله التوفيق.