قدم رجل خدمات لآخر مقابل مبلغ معلوم متفق عليه مسبقاً، ولما تمت الخدمة ولما حان موعد السداد لم يكن لدى الرجل الآخر مالٌ ليسدد، فاتفقا على تأخير السداد مقابل زيادة في المبلغ المتفق عليه
- البيوع والإجارة
- 2021-07-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5338) من المرسل أ. ع. س من الرياض، يقول: إذا قدم رجل خدمات لرجل آخر مقابل مبلغ معلوم متفق عليه مسبقاً، وعندما تمت الخدمة وحان موعد السداد لم يكن لدى الرجل الآخر مالٌ ليسدد، فاتفق هو والرجل الأول على تأخير السداد مقابل زيادة في قيمة المبلغ المتفق عليه، هل هذا التصرف جائز شرعاً؟ وإذا تحمل الرجل الأول بعض المال نتيجة لهذا التأخير فهل يدفعها الطرف الآخر؟ وكيف يكون الحال إذا كان الطرف الأول شركة والطرف الثاني رجلاً؟
الجواب:
أولاً: إن السائل لم يبين طبيعة الخدمات التي حصل الاتفاق عليها بين الطرفين، ونتيجة لذلك فإن الخدمات قد تكون مشروعة، وقد تكون غير مشروعة.
فإذا كانت الخدمات مشروعة، كما إذا استأجره لعمل شيء مشروع بأجرة معلومة فيما بينهما كمن يستأجر عاملاً يقوم بمسؤولية يومية أو أسبوعية أو شهرية، أو يتفق معه على إنجاز عملٍ معين؛ ولكن لم يحدد فيه لا يوماً ولا يومين ولا أسبوعاً؛ وإنما طُلب منه أن ينّجز هذا العمل -فقط- في خلال مدة أقل. مثلاً قال: أنا أريد هذا العمل يكون موجوداً بعد شهر أو بعد شهرين؛ لكن هذا العمل يكفيه ثلاثة أيام أربعة أيام؛ لكنه أطلق له ووسع له في الوقت.
فإذا كان العمل المتفق عليه من الأمور المشروعة، وقام به العامل على الوجه المشروع فقد استحق الأجرة المعينة.
وبناءً على ذلك فعندما يتعذر سداد المبلغ من المستأجر لمن كان أجيراً عنده نتيجة عدم وجود مبلغ عنده فالله -تعالى- قال: "وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ"[1]. وحصول اتفاق فيما بينهما على التأخير مع زيادة في المبلغ هذا اتفاق غير شرعي، فلا يحق للأجير على المستأجر إلا ما حصل الاتفاق عليه أولاً.
أما إذا كانت الخدمات التي اتفقا عليها فقام بها المستأجر إذا كانت غير مشروعة؛ فإنه لا يستحق ما حصل الاتفاق عليه، ولا يستحق -أيضاً- هذه الزيادة؛ لأن الزيادة حرام مبنيةٌ على حرام.
ومن أمثلة ذلك -لأن هذه المسألة يكثر السؤال عنها جداً- من أمثلة ذلك:
أن يشفع شخص لشخص يسمي هذه الشفاعة يسميها خدمات من جهة قيامه بأمر من الأمور، يشفع ولكنه يطلب أجراً معيناً قبل أن يذهب للشفاعة. والشفاعة من عقود الإحسان فلا يستحق عليها الشخص أجراً، ولهذا يقول الرسول ﷺ « اشفعوا تؤجروا » فأجر الشفاعة من الله -جلّ وعلا-.
ومن ذلك -أيضاً- ما يحصل من الكفالات، فبعض الناس يكفل شخصاً ويسمّي هذه الكفالة خدمة، ويأخذ مقابل هذه الكفالة مالاً، فهذه -أيضاً- لا تجوز؛ لأن الكفالة عقد من عقود الإحسان، فلا يجوز للشخص أن يأخذ مقابلاً.
ومن ذلك -أيضاً- أن يكون عند شخص بنت أو ولد في مكان بعيد ويريد نقله إلى مكان قريب، فيأتي شخص فيقول: أنا أسعى لك بنقل ولدك أو بنقل ابنتك؛ ولكن تعطيني مقابل ذلك مبلغاً من المال، هذه شفاعة هو يأخذ المال الذي يقدمه ولي الولد أو ولي المرأة يأخذ المال المقدم ويتقاسمه مع شخص آخر يسهلان موضوع النقل؛ فهذه شفاعة لا يجوز للشخص أن يأخذ عليها مقابلاً. وعلى هذا الأساس لا يجوز له أن يأخذ الزيادة.
والحاصل أن العمل إن كان مشروعاً فلا يستحق إلا الأجر المتفق عليه ولا تجوز الزيادة، وإذا كان العمل غير مشروع فلا يستحق أجرة أصلاً، ولا يستحق الزيادة أيضاً. وبالله التوفيق.