Loader
منذ سنتين

حكم الاختلاط بين الرجال والنساء في التعليم


  • فتاوى
  • 2021-12-04
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (2403) من المرسلة أ. ع من اليمن، تقول: ما حكم الشرع في التعليم أو الدراسة في مكانٍ مختلط؛ بحجة حب التعليم؟ أفتونا، جزاكم الله خيراً.

الجواب:

إن الاختلاط في التعليم بين الذكور والإناث على اختلاف مستويات التعليم من الابتدائي، والمتوسط، والثانوي، والدراسات العالية، والدراسات العليا، هذا له مفاسد كثيرة، وليس هناك مصلحة تدعو إلى الجمع بين الذكور والإناث، فإن في الاختلاط مفاسد لها أثرٌ على الطالب والطالبة، وعلى أسرة الطالب وأسرة الطالبة، وعلى المجتمع؛ وكذلك من ناحية الإنتاج العلمي للمدرسة التي يدرسون فيها، فإن الطالب يتعلق بالطالبة، وتتعلق هي به، وتكون هناك صحبة في داخل المدرسة وفي خارجها، ويحصل من الآثار السيئة مالا يخفى على عاقلٍ، وبالتالي يكون هناك تفكك في الأسر، ويحصل انحراف في الخُلُق وفي السلوك، إلى غير ذلك من أنواع الانحراف الناشئة عن هذا الاختلاط. وكذلك من ناحية أنه قد ينشأ عن ذلك علاقة جنسية، وينشأ عن هذه العلاقة إما إسقاط للحمل، أو وجود أولاد في المجتمع ليس لهم آباء شرعيون، وحينئذٍ يكون في المجتمع لبِناتٌ فيها شيءٌ من الشذوذ، والنقمة على المجتمع؛ لأن الشخص إذا شعر بأنه في المجتمع ليس له أب ينسب إليه، فإن هذا يُحدث عنه ردة فعل.

وبالنسبة للتعليم فإن الاختلاط يكون معوقاً للمضي فيما يحتاج إلى حفظٍ خارج المدرسة، وما يحتاج إلى تفهمٍ؛ وكذلك يكون معوقاً للفهم من المدرس في داخل المدرسة، فتكون النتيجة سيئة، ولو فرض أن في الاختلاط شيئاً من المصالح فلا يمكن أن يكون فيه مصلحة، إلا على فرض تقدير الناحية المادية؛ يعني: التقليل من الأيدي العاملة في حقل التدريس. وهذه مصلحةٌ ماديةٌ في مقابل المفاسد الدينية، والمفاسد الصحية النفسية، وقد يكون -أيضاً- فيه مفاسد صحية؛ يعني: ينتج أمراض من الاختلاط، أو من الأشياء التي تنتج عن الاختلاط، ويكون هذا من جنس ما ذكر الله -جلّ وعلا-: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"[1]، فلا شك أن إثم الاختلاط أكثر من النفع المفروض وهو التوفير من الناحية المادية.

وبناءً على ذلك فإن كلّ من أنيط به التعليم يجب عليه أن يحافظ على رعيته، وأن يتصرف في رعيته التصرف الشرعي؛ لأن تحمله لهذه المسؤولية مشروطٌ بأن يقوم بهذه الأمانة على الوجه الصحيح، وأن يرعى هذه الرعية رعايةً سليمة، ويوجّهها التوجيه السليم، ويمنع عنها ما يمكن أن يقلل من إنتاجها من جهة، وكذلك يمنع عنها ما قد يؤثر عليها في مسارها، لا من الناحية الأخلاقية، ولا الصحية، إلى غير ذلك من الأمور، ومن المعلوم أن الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- قال: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته، والزوجة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها، ألا وكلكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته ». فلا يجوز للراعي أن يتصرف على رعيته إلا فيما تقتضيه المصلحة، وإلا فإنه مسؤولٌ عن ذلك يوم القيامة، والله -جلّ وعلا- يقول في سورة الأعراف: "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)"[2]، فعليه أن يعد الجواب. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (219) من سورة البقرة.

[2] الآيتان (6، 7) من سورة الأعراف.