ماذا تعني كلمة عمداً؟هل هو المعتدي على القاتل بدون ذنب صغير أو كبير؟ وهل من قتل عمداً له توبة أم لا؟
- الحدود
- 2021-12-28
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5044) من المرسل م. ع. ع من الرياض - الملز، يقول: قرأت في تفسير ابن كثير رحمة الله عليه كلاماً عند الحديث عن التوبة في من قتل مؤمناً عمداً، أو ما فهمته من الحديث كذلك أنه ليس له توبة، وذلك عند تفسير قول الحق تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[1]، ماذا تعني كلمة عمداً؟هل هو المعتدي على القاتل بدون ذنب صغير أو كبير؟ وهل من قتل عمداً له توبة أم لا؟
الجواب:
هذه المسألة من المسائل المتعلقة بحفظ النفس، وحفظ النفس من الأمور الضرورية، وحفظها يكون من جانب وجودها، وحفظها يكون من جانب عدمها.
فهذه الآية فيها بيان الجزاء المترتب على من قتل مؤمناً ويكون قتله له على سبيل العمد العدوان، فالقتل العمد العدوان سببٌ، وهذا الجزاء الذي ذكره الله جل وعلا هو مسبب، فالأول مقتضي وهو السبب والثاني مقتضى وهو المسبب، وقاعدة الشريعة هي أن المسبباًت تترتب على أسبابها إذا توفر الشرط وانتفى المانع، والله جل وعلا شرع أسباباً للشخص عندما يحصل منه معصية لله جل وعلا، فشرع التوبة، والتوبة من جميع الذنوب والله جل وعلا يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[2]، ففي هذه الآية بيان أن التوبة تجّب ما قبلها؛ ولهذا عندما يدخل الشخص إلى الإسلام يتوب إلى الله جل وعلا ويرجع إليه، فإن الإسلام يجب ما قبله.
وهذه الآية فيها بيان ترتيب العقوبة عليه، والتوبة يكون لها أثر في هذا المقام من جهة حق الله جل وعلا، أما حق أولياء المقتول فإنه تحقق وأما المقتول فإن الخصومة تكون بينه وبين هذا الشخص يوم القيامة، والله -سبحانه وتعالى- على كل شيء قدير.
ومن الأسباب التي شرعت لإزالة الذنوب كثرة الحسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، فعندما يكثر الإنسان من الحسنات فإنها ترجح بسيئاته ولهذا يقول الله جل وعلا: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)}[3] فكثرة الحسنات سببٌ من أسباب زوال أثر الذنب على الشخص.
ومن الأسباب أيضاً حصول الأمور التي تقع على الشخص ويكون كارهاً لها لكنه يصبر ويحتسب الأجر من الله جل وعلا، فيحصل له مصيبةٌ في نفسه، مصيبةٌ في ولده، مصيبةٌ في ماله، مصيبةٌ في زوجته، إلى غير ذلك من الأمور التي تكون موقعا للمصائب التي يوقعها الله جل وعلا.
فعندما يرضى ويسلم بهذا الأمر ويحتسب الأجر من الله جل وعلا، فهذا أيضاً من الأمور التي تزيل أثر الذنوب، ولكن لا ينبغي أن يغتر الشخص عندما يقدم على أمر حرمه الله جل وعلا، ويحصل له من الله جل علاه الإمهال فيكرر هذا الذنب كثيراً ويقول إن الله لم يعاقبني، فالله جل علاه يمهل ولا يهمل وبالله التوفيق.
المذيع: إذن باب التوبة واسعٌ؟
الشيخ: نعم هذا باب واسع، ولذلك ذكرت في بداية الجواب قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[4].
المذيع: معنى هذا أن التوبة تكفر كل شيء؟
الشيخ: معنى هذا أن التوبة تكفر كل شيءٍ إلا حقوق الخلق هذه تكون موقوفة، ولهذا قلت إن حق هذا القتيل يكون القصاص بينه وبين هذا الشخص يوم القيامة، وذكرت في الجواب أن الله على كل شيء قدير؛ لأنه قادرٌ على أن يرضي هذا المقتول بجزاءٍ، وبذلك يتسامح عن القاتل.