إذا منع زوجته من زيارة أهلها وأمرها أن تطردهم من بيتها دون سبب، هل تطيعه وتقطع رحمها؟
- النكاح والنفقات
- 2022-01-30
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9800) من المرسلة السابقة، تقول: إذا منع الزوج زوجته من زيارة أهلها وأمرها أن تطردهم من بيتها دون سبب، هل يجب عليها أن تطيعه وتقطع رحمها؟
الجواب:
بعض الأزواج يكونُ عنده تسلط على الزوجة بحكم العلاقة الزوجية التي يدعيها، والعلاقة الزوجية علاقة شرعية وعلاقةٌ ادعائية. والعلاقة الادعائية هذه تكونُ مصحوبةً بالتعسف؛ بمعنى: إن الشخص يُصدر تصرفاته من مجرد تفكيره من غير نظرٍ إلى ما يحرم عليه، وكذلك يترك ما يحل له، فليس عنده مستند شرعي وإنما هو مستندٌ فكري.
وقد مرّ عليّ بعض الأسئلة أذكر شيئاً منها فمن ذلك:
أن شخصاً جاء إلى مسجد وصار يُحافظ على الصلوات الخمس وعلى قراءة القرآن، ويكون في الروضة خلف الإمام، وكان عمله هذا وسيلة! يريدُ أن يتقدم إلى شخصٍ من أجل خطبةِ بنته، وحصل له ذلك فرغب فيه هذا الرجل، وخطب منه وأعطاه وزوّجه، وقد سألني هذا الرجل يقول: الآن ابنتي لها سبع سنواتٍ لا أعلم أين هي! فهذا تعسف وهذا ظلم. ويقول: تزوجها وبعد ذلك تردد علينا كم مرة ثم اختفى عنا!
الشخص الآخر تقول زوجته: إنها موظفة وإنه يأخذ جميع راتبها، وتقول: إن أمي تستحق الصدقة، الناس يتصدقون عليها، ويمنعني من أن أتصدق عليها ولا بخمسمائة ريال، فهذا كله من باب التعسف. وهذا السؤال الذي مر هذا من هذا النوع.
والواجب على كلٍ من الزوجين أن ينظر إلى العلاقة التي شرعها الله بينهما، فيطلب الزوج ماله من حق ويؤدي ما عليه، وتطلب الزوجة مالها من حق وتؤدي الذي عليها. وكون هذا الرجل يمنع المرأة من زيارة أهلها ويمنعهم هم من مجيئها إليه إذا لم يكن هناك سببٌ شرعي يعذره الله -جل وعلا- فيه وإلا فإنه آثمٌ؛ هذا من جهة.
ومن جهةٍ ثانية إذا تصرف هذا التصرف الذي يأثم فيه فإن عمله هذا معصية، والرسول ﷺ يقول: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » فإذا أطاعته هذه الزوجة وعقّت والديها فإنها تكون آثمة؛ لأنها أرضت زوجها مع أنه عاصٍ وعقّت أمها وعقّت أباها، مع أن الله -جل وعلا- قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[1]. ولما جاء رجلٌ إلى الرسول ﷺ قال: « يا رسول الله، أي الناس أحق بصحبتي؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك،قال: ثم من؟ قال: أمك،قال: ثم من؟ قال: أبوك ثم أدناك أدناك ».
ولم يُقدّم الزوج على الأم، ولم يُقدّم الزوج على الأب، ولم يُقدّم الزوج على سائر الأقارب.
فعلاقة الزوج هي علاقة زوجية وليست علاقة نسب، ولهذا هو استباح بضع هذه المرأة بعقد النكاح، وبإمكانه أن يحرّم عليه إذا طلقها طلاقاً يُحرمها عليه. وبالله التوفيق.