ما نصيحتكم في هذا الوقت للشباب المسلم نحو متغيرات هذا الزمن؟
- خصائص الشريعة : العموم
- 2022-02-06
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10701) من المرسل السابق، يقول: ما نصيحتكم في هذا الوقت للشباب المسلم نحو متغيرات هذا الزمن؟
الجواب:
من المعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان ولم يتركه سدى، وأرسل الرسل وأنزل الكتب، والرسل بلغوا هذه الكتب لأممهم، وكل رسولٍ يبعث إلى قومه خاصةٍ بلسان قومه، وآخر الرسل محمدٌ ﷺ ورسالته عامّة كما قال -جل وعلا-: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[1]، وقوله -جل وعلا-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[2]، وكما أنّه رسولٌ للإنس فهو رسولٌ للجن؛ كما قال -جل وعلا-: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)}[3] إلى آخر الآية، فهذا دليلٌ على أن الرسول ﷺ مرسلٌ إليهم. وقال ﷺ: « بُعثت إلى الأحمر والأسود وكل نبيٍ يُبعث إلى قومه خاصةً ».
وبناءً على عموم الرسالة فهي كاملة لا تحتاج إلى مزيد ولا يجوز النقص منها؛ كما قال -جلّ وعلا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[4]، وقال -جلّ وعلا-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[5]. فمن خصائص هذه الشريعة أنها عامّة وأنها كاملة، وأنها ثابتة، وأنها حاكمة وليست محكومة؛ بمعنى: إنّه لا يجوز لأحدٍ أن يخرج عنها؛ كما قال -جل وعلا-: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[6].
إذا تقرر هذا فإن كل فردٍ من المكلفين على وجه الأرض؛ وكذلك من الجن مكلفٌ بأن يتعلم ما أوجب الله عليه.
والواجب في هذه الشريعة قسمان: واجبٌ على سبيل الكفاية، وواجبٌ على سبيل العين.
وعلى هذا الأساس فالشخص يتعلم ما يجب عليه بحسب مسؤوليته فمن يجب عليه الوجوب عينياً فإنه يتعلمه، وإذا كان ممن يجب عليه الشيء وجوباً كفائياً يتعين عليه أن يتعلمه، وذلك من أجل القيام به على الوجه الأكمل.
نأتي إلى وضع النّاس بما أن هذا هو الواجب عليهم نأتي إليهم هل طبقوا ذلك ؛ بمعنى: إن كلّ شخصٍ تعلم ما يجب عليه ويتعلم ما حرم الله عليه؟ وذلك من أجل أن يعمل بما أوجب الله عليه، ويترك ما حرم الله عليه.
الخلل في جميع المجتمعات تارةً يكون من الجهل؛ بمعنى: إن الشخص يرتكب أمراً من هذه المتغيرات، ويكون هذا الأمر محرماُ، ويكون جاهلاً فقصّر هو من ناحية أنه لم يتعلم ما يجب عليه وما يحرم عليه، وتارةً يكون الهوى؛ بمعنى: إن الشخص يقدم هواه على عمله؛ أي: إنه يعمل بمقتضى رغبته، ورغبته تكون مخالفةً للأوامر وتقوده إلى فعل ما حرم الله -جل وعلا-، وتارةً يكون السبب هو التقليد! {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}[7]، فإذا تعاونت هذه العناصر الثلاثة: الجهل والهوى، والتقليد الأعمى. الشخص الذي توجد فيه صفة من هذه الصفات يسير على طريقٍ غير مستقيم، ومع أنّه يسير على طريقٍ غير مستقيم لا يسأل قبل أن يدخل في الأمر إذا كان مُشكلاً عليه؛ بل تكون عنده عزيمة قوية فيستمر هذا هو سبب الحيرة الموجودة في العالم كله.
فالواجب هو التعلم وذلك من أجل أن يعمل الإنسان على بصيرةٍ. وكل شخصٍ مخاطبٌ بنفسه ولهذا لا يمكن أن يدخل الله النّار أحداً إلا وقد قامت عليه الحجة في الدنيا؛ كما قال -جلّ وعلا-: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)}[8]، وكما قال -جل وعلا- في سورة تبارك-الملك: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)}[9].
فإذن الحجة قائمةٌ على الخلق من جهة الله -جل وعلا- وكان عليهم أن يتعلموا ما أوجب الله عليهم، وذلك من أجل أن يعملوا من جهة، ويعلموا من جهةٍ أخرى. وبالله التوفيق.