Loader
منذ سنتين

حكم تصرف الأم في مال الورثة مع وجود قاصر


الفتوى رقم (3184) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: أفيدكم بأنني أكبر إخواني، وأسكن في الرياض، وأهلي في جدة، وقد توفي والدي وترك بيتاً يسكن فيه بعض إخواني، وقد ورّث والدي مبلغاً من المال قدره مائتا ألف ريال نقداً، اشترينا به أرضاً للوالدة، وقدّمناها على البنك لعمارتها، وذلك برضا جميع إخواني الذين يسكنون معها، وكذلك الذين لا يسكنون معها من بنين وبنات، فهل يجوز ذلك التصرف بناءً على طلب الوالدة؟ علماً بأن أحد إخوتي قاصر وأنا وليّه، وقد أصرّت الوالدة علينا بذلك، مع العلم أنني قلت لها: لا بدّ أن نقتطع جزءاً من المال له، فقالت: إن المبلغ لا يكفي، مع العلم أنها تسكن-الآن- في بيت والدي، وحجتها أن الابن الأصغر القاصر ويسكن هو معها، فهل يجوز ذلك الأمر؟ وهل عليّ إثم، مع إنني أريد رضا والدتي، فكيف أوفق بين طلبها، وبين ما يرضي الجميع؟ وما هو الحل الذي ترونه مناسباً في حقوق القاصر والآخرين من البالغين الذين لا يسكنون معها؟ مع العلم أن الجميع قد رضوا بذلك، والبيت الذي تسكن فيه يُسدد عنه أقساط البنك العقاري بين إخوتي الذين يسكنون فيه.

الجواب:

 أولاً: هذا البيت يُعتبر من التركة.

ثانياً: إن المبلغ الذي ذكره السائل يعتبر -أيضاً- من التركة. وهكذا جميع ما خلفه المتوفى.

والطريقة الشرعية في هذا:

 أن التركة تُقسم بين الورثة حسب الفريضة الشرعيةٍ؛ ولكنها لا تقسم إلا بعد وفاء الدَّين الذي على الميت، ثم تنفيذ وصيته الشرعية إذا كان قد أوصى. وما بقي بعد وفاء الدَّين وبعد الوصية، فإنه يقسم حسب الفريضة الشرعية.

وبناءً على ذلك: فإذا كان البيت باقياً بعد وفاء الدَّين وبعد الوصية، فإن جميع ورثة المتوفى لهم حقٌ في هذا البيت حسب الفريضة الشرعية. وعلى هذا الأساس فمن كان منهم بالغاً ورشيداً، ولم يسكن في البيت، وأذن للساكنين فيه بالسكنى، فقد أسقط حقه من الأجرة لهذا البيت.

وأما بالنظر للمبلغ الذي ذكره السائل، فإذا لم يتعلق به وفاء دينٍ، ولم تتعلق به وصية، فكلّ واحد من الورثة له حقٌ في هذا المبلغ حسب الفريضة الشرعية، وإذا كان من الورثة من هو بالغٌ وعاقلٌ ورشيدٌ، وأذن لأمه في حقه من هذا المبلغ، فيكون هذا عطية من الابن لأمه، وإذا كان كلّ الورثة سوى القاصر قد أذن لها بنصيبهم، فهذا من البر بها، وليس في ذلك شيءٌ.

أما حق القاصر فلا يملك هو الأذن، ولا تملك أمه أخذ حقه، ولا يملك الوصي عليه إعطاء الأم حقه، ولكن يُقتطع حقه من المبلغ ويُدّخر له. وإذا أراد وصيه أن يُكرم أمه بإعطائها حق الصغير، فإنه يعوض هذا الصغير من ماله؛ يعني: من مال الوصي عليه، فإذا فرضنا أن نصيبه من هذا المبلغ عشرة آلاف ريال، وأذن الوصي لأمه بهذا المبلغ، وهو حق الصغير، فإن الوصي يأخذ من ماله عشرة آلاف ريال، ويجعلها حقاً للصغير، بدلاً من الحق الذي وهبه لأمه. وبالله التوفيق.