Loader
منذ سنتين

كيف نترجم معنى التوكل في حياتنا؟


  • فتاوى
  • 2022-02-03
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10556) من المرسلة السابقة، تقول: كيف نترجم معنى التوكل في حياتنا. أسمع إحدى أخواتي تقول: أذهب للمكان الفلاني وهو مشهور بأنه مخيف لكني متوكلة على الله، ولم يصبني أي أذى، هل التوكل معناه مثل هذا أن يقدم الإنسان على أمر فيه احتمال خطر؟

الجواب:

        الله -سبحانه وتعالى- شرع الأسباب وهذه الأسباب تترتب عليها مُسبباتها، وهذا الترتب قد يحصل وقد لا يحصل؛ لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

        فترتيب المسببات على الأسباب هذا راجع إلى الله -جلَّ وعلا-، فالإنسان يسافر للحجّ لكن لا يدري هل يرجع سالماً أو لا. يبيع ويشتري في أمواله ولا يدري هل يربح أو لا يربح؟ فهو مأمور بفعل الأسباب المشروعة؛ لكن هذا السبب قد يغلب على ارتكابه ضرر، فإذا كان ذلك كذلك، فالله -جلَّ وعلا- يقول: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[1]. والإنسان إذا أراد أن يذهب إلى بلد وهذه البلد فيها مرض معدٍ فإنه لا يدخلها عملاً بهذه الآية: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ؛ أما إذا حصل المرض للبلد وهو فيها فلا يخرج منها؛ بمعنى: إنه يفر من هذا البلد، لا يفعل سبباً من أجل ألا يقع المسَبب عليه؛ لأن ترتيب المُسَببات راجع إلى الله -جلَّ وعلا-. والرجل الذي جاء إلى الرسول ﷺ فقال: "يا رسول الله، أعقل ناقتي أو أتوكل" قال: « اعقلها وتوكل »[2].

        وبناءً على ذلك فلا مانع من الجمع بين الأسباب وبين التوكل على الله -جلَّ وعلا-؛ لأن بعض الناس قد يسلك في التوكل مسلك الإفراط؛ بمعنى: إنه يعطل فعل الأسباب مطلقاً وهذا لا يجوز؛ لأن الاعتماد على الأسباب لا يجوز، وترك الأسباب لا يجوز، لكن يفعل الأسباب المشروعة مع اعتقاد أن الذي يرتب المسَببات وهي النتائج لهذه الأسباب هو الله -جلَّ وعلا-، وأن الخلق لا يستطيعون أن يرتبوا مسَببات على هذه الأسباب، ولهذا الله -جلَّ وعلا- كلّف الناس بفعل الأسباب، ولم يأمرهم بحصول المسببات؛ لأن حصول المسَببات ليس إليهم؛ وإنما هو إلى الله -جلَّ وعلا-، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا يُسأل عما يفعل. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (195) من سورة البقرة.

[2] أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الزهد(4/668)، رقم(2517).