Loader
منذ سنتين

حكم غيبة الكتابي والدعاء عليه وخاصة إذا كانوا يعيشون في المنزل كالخادمات مثلاً؟


الفتوى رقم (9695) من المرسلة السابقة، تقول: ما حدود معاملة غير المسلم الكتابي هل يجوز غيبته والدعاء عليه وخاصة إذا كانوا يعيشون في المنزل كالخادمات مثلاً؟

الجواب:

        الله جل وعلا يقول: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[1] هذه دعوة من الله جل وعلا عن طريق رسوله ﷺ للكفار، وهذه الدعوة هي عبارة عن أمر الرسول ﷺ للكفار بأن يتجنبوا الأسباب المغضبة لله جل وعلا، ومنها الكفر، ويأخذ بالأسباب المرضية لله جل وعلا ومنها الإيمان بالله جل وعلا، وهذه قاعدة متقررة ؛ يعني : ما دلت عليه هذه الآية هو في آيات وفي أحاديث كثيرة تقرر هذه القاعدة وهي الدعوة إلى الله جل وعلا لمن ضل سبيل الله جل وعلا.

        فالكفار يُدعى لهم بالهداية والتوفيق؛ ولهذا الرسول ﷺ لما زار غلاماً يهوديًا في مرض موته أمره بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فرفع الولد بصره إلى أبويه فقالا له: أطع أبا القاسم، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فخرجت روحه ولما خرج الرسول ﷺ من عنده قال: «الحمد لله الذي أنقذه من النار».

        فهؤلاء الأشخاص الذين دخلوا في عهد في هذه البلاد كونهم يدعون إلى الإسلام والدعوة إلى الإسلام تارة تكون بالقول وتارة تكون بالفعل، تارة تكون بمعنى أن المسلم يتخلق بأخلاق الإسلام أمام الشخص الذي لا يعترف بالإسلام، فإن الإسلام له جانبان: جانب نظري، وجانب عملي.

        الجانب النظري: هذا من ناحية ما دل عليه القرآن، وما دلت عليه السنة.

        والجانب العملي: هو أن كل مكلّفٍ على وجه الأرض من الجن ومن الإنس، مأمورٌ بأن يمتثل ما دل عليه القرآن وما دلت عليه السنة مما يخصه، فإن هذه الشريعة شريعة عامة للإنس وللجن؛ كما قال جل وعلا: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[2]، ويقول ﷺ: «بُعثت إلى الأحمر والأسود وكل نبي يُبعث إلى قومه خاصة»، ويقول جل وعلا: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ}[3] إلى آخر الآيات، وقال الله تعالى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}[4] إلى آخر الآيات.

        فالمقصود: رسالة الرسول ﷺ عامة للإنس والجن، وأن كل مكلّف مأمور بأن يتعلم ما يخصه من هذه الشريعة، وأن يعمل به، ومن ذلك دعوة الكفار بحسب قدرة الداعي، فإذا وُجد من هو غير مسلم عند شخص مسلم فإنه يدعوه بالتي هي أحسن؛ لكن يدعوه قولاً، ويدعوه عملاً. فبعض الناس يدعو إلى الإسلام؛ لكن أعماله يعمل أعمالاً مخالفة للإسلام فعندما يعمل مثلاً يزني، يشرب الخمر، يفعل اللواط وهو يدعو إلى الإسلام، فعندما يشاهده شخص يُدعى إلى الإسلام يشاهد هذا الشخص لا يثق بقوله لأن عمله مخالف لقوله -جل وعلا- {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[5]، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (38) من سورة الأنفال.

[2] من الآية (85) من سورة آل عمران.

[3] من الآيات (29-31) من سورة الأحقاف.

[4] من الآية (1) من سورة الجن.

[5] الآية (3) من سورة الصف.