ما دور طالب العلم انتشار المنكرات في الأسواق؟
- فتاوى
- 2022-02-09
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11043) من المرسل السابق، يقول: تنتشر منكرات في الأسواق وبعض وسائل الإعلام ونحو ذلك، ما دور طالب العلم في هذا الموضوع؛ خصوصاً في الأوساط التي يعيش فيها؟
الجواب:
الرسول ﷺ قال: « الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة »، قلنا: لمن يا رسول الله، قال: « لله ولكتابه، ورسوله، وللأئمة المسلمين، ولعامتهم » .
والمنكرات التي تقع -سواء كانت هذه المنكرات من ترك واجب، أو من باب فعل محرم- فالرسول ﷺ بيّن مراتب التغيير، وبيّن مراتب الناس؛ لأنه قال: « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ».
فلا بدّ أن يعرف المستوى الذي هو فيه، ويعرف مستوى المنكر، ويعمل مقارنة بينه وبين المنكر؛ يعني: هل هو من الأشخاص المخاطبين بالتغير باليد؟ أم من المخاطبين بالتغيير بالبيان؟ أومن المخاطبين بالتغيير بالقلب؟ فلا بدّ من النظر في هذا.
وعلى هذا الأساس يكون كلّ شخص رأى منكراً مسؤولاً بحسب حاله.
وهذا من النصيحة، وأولى وأوجب ما ينصح الإنسان نفسه؛ لأنه قد يكون هو واقع في المنكر، فينصح نفسه بالابتعاد عن هذا المنكر، ثم ينظر من تحت يده « الرجل راع ومسؤول عن رعيته »، فينظر من تحت يده من زوجة، أو أولاد، أو والد، أو والدة، أو ما إلى ذلك؛ إذا رأى على أحد منهم منكراً فإنه يغيره بقدر استطاعته على حسب المراتب التي تقدمت؛ وهكذا بالنظر إلى جيرانه. وإذا كان إماماً في مسجد فإنه يسعى لتغيير المنكر بالنظر إلى من يوجد عنده منكر من جماعة المسجد بحسب استطاعته، وهكذا المدرس في مدرسته في أي مرحلة من مراحل التعليم، وهكذا بالنظر إذا كان الشخص مسؤولاً عن مجموعة من الناس فإنه يغير ما يقعون فيه من المنكر بحسب استطاعته، وذلك أنه مسؤول عنهم، ومسؤول عن نفسه؛ وهكذا كلما صارت المسؤولية عظيمة؛ يعني: بالنظر إلى المرتبة صارت المسؤولية عظيمة من جهة وجوب الأداء.
وقد صعد خليفة من الخلفاء السابقين جبل عرفة بعد صلاة العصر ورأى كثرة الناس وتعجب منهم، فقال له بعض الأشخاص الناصحين الذين معه: يا أمير المؤمنين، أنت أكثر منهم، كلّ واحد مسؤول عن نفسه، وأنت مسؤول عن نفسك وعن كلّ واحد منهم.
وهذا يؤيد قوله ﷺ: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ». ولو أن هذا المبدأ عمل به لصار المنكر نادراً، لكن يتساهل الإنسان في نفسه؛ يعني: لا يحصّن نفسه، ويتساهل في أفراد أسرته، ويتساهل في جيرانه، ويتساهل الإمام في المسجد، والمعلم في مدرسته؛ وهكذا حتى يكون التساهل عاماً.
فعلى الناس أن يتقوا الله؛ لأن الله جعل من خصائص هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[1]. وبالله التوفيق.