حكم ترك صلاة الوتر خشية التأخر في النوم
- الصلاة
- 2021-09-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1411) من المرسل السابق، يقول: أنا رجلٌ أعمل في بقالة، وكنت في اليمن أداوم على صلاة الوتر، وهنا في السعودية تركتها؛ لأنني إذا أديتها تأخرت عن فتح البقالة، فهل عليّ ذنبٌ في تركها أم لا؟ وهل يجوز قضاؤها؟
الجواب:
فيه ظاهرة من الظواهر بالنسبة للذين يستأجرون العمال، قد يضعون في شرط الاتفاق أنه لا يصلّي، وقد لا يضعون ذلك؛ ولكن يجعلون مراقبةً دقيقةً على العمال، فمن رأوه يصلّي فصلوه من العمل، ومن رأوه لا يصلّي تمسكوا به وزادوا أجره؛ لأنهم يقولون: إن الإنسان الذي يشتغل وقتاً أكثر يُنتج أكثر، وهذا موجود عند كثيرٍ من الناس؛ وبخاصةٍ بعض الشركات، وبعض المستشفيات التي تأخُذها شركات؛ أما في المستشفيات التي لا تأخُذها شركات، فهذه يُقام فيها مساجد وتُقام فيها الصلاة، وفيه حرصٌ -أيضاً- من المسؤولين على هذه الناحية، ولاشك أن هذا العمل اعتداءٌ على حق المُكلف من جهة، وحق الله من جهةٍ أخرى. ومن المعلوم أن حق الله في أداء الصلاة مقدمٌ على حق المخلوق، فصاحب الشركة لا يجوز له أن يمنع العامل عن الصلاة، والعامل لا يجوز له أن يُوافق على عقدٍ يُشترط عليه فيه أن يترك الصلاة، والشخص الذي يقبل هذا الشرط قد لا يُوّفق لا في عمله ولا في كسبه؛ وكذلك في إنفاق كسبه. والشركة -أيضاً- قد لا تُوفق حينما تسلك هذا المسلك.
فعلى كلّ شخصٍ يجلب عاملاً مسلماً يجب عليه أن يفسح له المجال لأداء ما فرض الله عليه، وعلى العامل -أيضاً- أن يُساعد على ذلك من جهة أنه يؤدي الصلاة ويرجع إلى عمله؛ لأن فيه بعض العمال يتذرّعون بالصلاة، فيخرج من العمل بحجة أنه يريد أن يصلّي ويتأخر وقتاً يكون أضعاف وقت الصلاة، وحينئذٍ يتذمر صاحب العمل؛ لأن هذا الشخص تأخر كثيراً، فعلى العامل أن يساعد نفسه، وأن يساعد صاحب العمل من جهة أنه يؤدي الصلاة في وقتها، ولا يلعب لا في وقتٍ سابقٍ على أدائها، ولا في وقتٍ بعد أدائها. وعلى صاحب العمل أن يساعد العامل من جهة إعطائه الإذن لأداء الصلاة المفروضة عليه. وأنا نبّهت على هذا؛ لأن كثيراً من الناس يسألُ عن ذلك.
وأما بالنسبة لسؤال السائل الذي صار سبباً في الكلام على هذا الوجه الذي سبق؛ فإنه يصلي الوتر بعد صلاة العشاء، وكونه يمنعه من فتح البقالة قليلاً؛ هذا ليس فيه عليه حرج، وقد يضع الله البركة في وجوده في البقالة إذا أدى هذه الشعيرة. وقد يُحرم الرزق مع وجوده في البقالة بسبب أنه لم يؤدِّ هذه الشعيرة؛ لأن للخير أسباباً وللشر أسباباً، فإذا تعاطى المسلم أسباب الخير فالله سبحانه وتعالى لا يُضيع أجر من أحسن عملاً، وإذا تعاطى أسباب الشر فكما قال -تعالى-:"وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"[1].
فالمقصود أن السائل لا مانع من أن يصلّي صلاة الوتر بعد صلاة العشاء ولو أخّره ذلك عن فتح البقالة قليلاً، ولو فرضنا أنه أخرها بغير اختيار لم يتمكن من فعلها في الليل؛ فإنه يُصلّيها ضحى؛ ولكنه يشفع الوتر بركعة؛ بمعنى: إن الركعة التي كان يُصلّيها في الليل يصلّيها ركعتين في النهار. وبالله التوفيق.