Loader
منذ سنتين

هل عليّ إثم في منع والدتي من الذهاب إلى أخي الكبير لأنه مقصر في حقها ولا يزورها ومن أجل إجباره على زيارتها والإحسان إليها؟


  • فتاوى
  • 2022-02-12
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11417) من المرسل السابق، يقول: قدمت من السفر بعد غياب طويل. لي أخي يكبرني سناً موجود عند والدتي، وله ما يقارب الشهر لم يحضر لزيارتها. وكنت أعتقد أنه يقوم بحقوقها. وهناك تفريط منه ومن أبنائه، فهم لا يأتون إليها. وعندما أتخاطب معها تقول لي: "دعه هذا أخوك الأكبر ولا تغضبه" وينطلق هذا الكلام من قلبها الرحيم. ورفضت أن تذهب والدتي إلى أخي وقلت: الواجب عليه أن يأتيك، هل عليّ إثم في منع والدتي أن تذهب إليه من أجل إجباره على زيارتها والإحسان إليها؟

الجواب:

        لا شك أن للوالد وللوالدة حق على الولد، والله -جلّ وعلا- يقول: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}[1].

        ويقول: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[2]. فالشخص يتعامل مع أمه، ويتعامل مع أبيه ولو كانا كافرين؛ لكن يتعامل مع كلّ واحد منهما بما يناسبه.

        وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « بروا آباءكم تبركم أبناؤكم »؛ بمعنى: إن البر الذي تفعله لوالدك تفعله لوالدتك، هذا وفاء دين عليك بالنسبة لهم. وأولادك سيبرونك.

        أما إذا حصل العقوق منك فانتظر العقوق من أولادك لك، ولا تستغرب هذا العقوق، الرسول ﷺ أوصى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: « يا عمر يأتيكم وفد من أهل اليمن معهم أويس القرني، له والدة هو بها بار لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل » فلما توفي الرسول ﷺ، وتولى عمر -رضي الله عنه- الخلافة، جاء وفد اليمن، وكان معهم أويس، فسأل عمر -رضي الله عنه- أمير الوفد عن أويس، فدله عليه، فذكر عمر -رضي الله عنه- لأويس وصية رسول الله ﷺ، وقال له: أريد أن تستغفر لي، فاستغفر له.

        فالمقصود: أن الإنسان يجني ثمار عقوقه، أو يجني ثمار بره؛ هذا من جانب.

        ومن جانب آخر أنت ليس لك الحق في التدخل بين أمك وبين أخيك، فإذا كانت ترغب الذهاب إليه تذهب إليه. وإذا كان مقصراً في حقها، والله يعلم أن هذا التقصير الذي حصل منه أنه تقصير فيما أوجب الله لها عليه؛ فيكون هذا من باب العقوق منه لها. والله هو الذي يحاسبه على ذلك، ولست أنت الذي يحاسبه. وبالله التوفيق.



[1] الآيتان (23-24) من سورة الإسراء.

[2] من الآية (15) من سورة لقمان.