Loader
منذ سنتين

تفريط الكثير في الواجبات المناطة بهم من الدعوة والإنكار بقدر الاستطاعة والنصح والتوجيه .وهل لابد أن يقوم به عالم؟


الفتوى رقم (10897) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: تفريط كثير من الناس في الواجبات المناطة بهم من الدعوة والإنكار بقدر الاستطاعة والنصح والتوجيه يقول: هل لا بد أن يقوم بهذه الأمور الشخص العالم أو طالب العلم؟ بينما نرى أن بعض الناس يفرط في المسؤولية البسيطة التي أُنيطت به نرجو التوجيه.

الجواب:

        من المعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- جعل الواجب في الشريعة واجب عين وواجباً على الكفاية.

        والواجب على العين هو أن الشخص يتعلم من علوم الشريعة من العقائد، ومن التوحيد؛ وكذلك من أركان الإسلام، وكذلك في المعاملات المالية إذا أراد أن يتّجر، وكذلك من جهة الحقوق الزوجية إذا تزوج وهكذا؛ فهذه كلها من فرض العين.

        فواجب على الشخص أن يتعلم ما أوجب الله عليه على سبيل العين حتى إذا تصرّف فيما يخصّه بنفسه، أو فيما بينه وبين الله، أو فيما بينه وبين أحد من الناس يكون تصرفه هذا تصرفاً شرعياً؛ لكن قد يغفل عن هذا الشيء فلا يتعلم أو يتعلم شيئاً قليلاً ثم بعد ذلك يكون عنده نشاط من الناحية النفسية ومن الناحية الكلامية؛ يعني: يكون جريئاً، فقد يحلِّل ويحرِّم بحسب الجرأة التي عنده؛ ولكن يكون تحليله وتحريمه هذا على غير بصيرة، فقد يحلِّل الحرام وقد يحرِّم الحلال.

        أما بالنظر إلى فرض الكفاية، فهذا بالنظر إلى شخص يولَّى القضاء، أو يولَّى الدعوة إلى الله عامة، أو يكون من رجال الحسبة أو ما إلى ذلك؛ فهذا يتعلم العلم الذي يريد أن يقوم به على سبيل الكفاية مضافاً إلى ما تعلمه فيما سبق من جهة فرض العين.

        أما بالنظر للشخص الذي يريد أن يدعو فلا بد أن يكون عالماً بما يريد أن يدعو إليه؛ سواء دعا إلى فعل مأمور به، أو إلى ترك منهيٍّ عنه، ويكون عاملاً أيضاً؛ لأن عمله بعلمه هذا يكون سبباً في قبول دعوته. ويكون حكيماً فيما يأمر به، وحكيماً فيما ينهى عنه؛ لأنه قد يستعمل الغلظة في بعض المواضع فينفر منه الشخص المدعو. لابد أن يُشخِّص هذا الأمر، ويكون عنده علم مسبق عن هذا الأمر يُغطّي الكلام على هذا الأمر؛ وإلا فرحم الله امرأً عرف قدر نفسه؛ لأن القول على الله أو القول على الرسول ﷺ لا يجوز. الرسول ﷺ يقول: « من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار »، والله -سبحانه وتعالى- يقول لرسوله ﷺ: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)}[1] ويقول -جلَّ وعلا-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[2].

        وقد كان ﷺ يُسأل عن الأمر وليس عنده سابق علم فيه فينتظر نزول الوحي من الله -جلَّ وعلا- كما جاء في القرآن: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}[3]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ}[4]، {ويَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}[5] إلى غير ذلك من الأسئلة التي جاءت في القرآن؛ فعلى العبد أن يكون على بصيرة من أمره الذي يريد أن يأمر به أو يريد أن ينهى عنه. وبالله التوفيق.



[1] الآيات (44-47) من سورة الحاقة.

[2] الآية (36) من سورة الإسراء.

[3] من الآية (189) من سورة البقرة.

[4] من الآية (187) من سورة الأعراف.

[5] من الآية (222) من سورة البقرة.