Loader
منذ 3 سنوات

هل لليمين مع الغضب كفارة


الفتوى رقم (443) من المرسل ع.ي.خ.م.م في بلاد بني مالك، يقول: أنا مدير في مدرسة ابتدائية، وهناك طالب في هذه المدرسة كثير الغياب، وخصوصاً يوم الثلاثاء؛ لأن هذا اليوم في المنطقة هو سوق يجتمع فيه سكان القرى، وتكرر منه الغياب في ذلك اليوم، ونصحته بعدم الغياب لمصلحته؛ ولكنه لم يستجب لكلامي، وغضبت ذات يوم وحلفت يميناً إن غاب في الثلاثاء القادم سأطرده من المدرسة، وغاب في ذلك اليوم، وأتاني بعده واعتذر لي بأنه أخطأ، وقال: لن أفعلها مرة أخرى، فلم أفصله ورضيت عنه، وانتظم في المدرسة، فهل عليّ كفارة في يميني؟ أم أنها يمين معصية لا أكفر عنها؟

الجواب:

أولاً: إنك عقدت يمينك، وبنيته على المصلحة العامة من جهة المحافظة على مكانتك الإدارية؛ وكذلك المحافظة على الطلاب عموماً؛ وكذلك من جهة ثانية أنك حلفت هذا اليمين من أجل أن تحرمه من الدراسة، وحرمانه من الدراسة ليس معصية إذا قورن بالأمور التي قصدتها.

وعلى هذا الأساس فيمينك من الأيمان المكفرة؛ لأنك حنثت فيها، والحنث في هذه ما دام الطالب جاء واعتذر فحينها عليك كفارة يمين، وهي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد العتق والإطعام وكذلك الكسوة؛ فإنك تصوم ثلاثة أيام.

ثانياً: إن هذا الأمر ينبه على أمثلة كثيرة من نوعه، وذلك أنه يقع مشاكل بين الطلبة، أو بين الطالب والمدرس، أو بين الطالب والمدير، أو تكون المشكلة بين الطالب ونفسه، والجهة الإدارية المسؤولة عن مراقبة هذا الجانب قد تأخذ بالأمور على ظاهرها، ولا تبحث عمّا وراء ذلك من الدوافع والأسباب؛ فقد يكون هناك سبب لو بحث عنه لحصل قناعة في ترك الطالب يتغيب هذا اليوم بالذات.

فإذا فرضنا هذا الطالب يتيم وليس عنده أحد يقوم بمصالحه هو وأمه وإخوته القصّر، فيغتنم الحضور إلى السوق في هذا اليوم من أجل أن يبيع ويشتري، وأن يتحصّل على مال يكفيه في أسبوعه القادم ويدرس بقية الأيام، ثم إن مدير المدرسة بحث عن الأسباب التي جعلت هذا الطالب يلازم غياب هذا اليوم؛ فإذا عرف السبب على سبيل الحقيقة يستطيع معالجة وضع الطالب من خلال معرفة الأسباب، فإن معالجة الأمور لا تكون بالأخذ بظواهرها؛ ولكن تكون بعد معرفة أسبابها ودوافعها، وبمعنى أعم دراسة واقعها دراسة وافية من جميع الجوانب المرتبطة بها، ومن ثم تكون المعالجة بعد ذلك. وبالله التوفيق.