Loader
منذ 3 سنوات

يتيمة أسرفت على نفسها بالذنوب وتسأل عن طريق المغفرة والستر


  • فتاوى
  • 2021-08-03
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (6930) من مرسلة من العراق، تقول: أنا فتاة في الثلاثين من عمري يتيمة الأم تحملت ما تحملت من قساوة الحياة والحرمان، وارتكبت معاصي كثيرة، وندمت وأنبت إلى الله واستغفرت إلا أني أعود وأكرر هذه المعصية مرة أخرى رغم أني أصلي وأصوم وأعطي الصدقات منذ كان عمري ثلاث عشرة سنة. الحسنة الوحيدة عندي هي أني أؤدي فريضة الصوم والصلاة، وأني لا أحمل ضغينة في قلبي ولا حقداً على أحد، وأيضاً أني أنظر إلى والدي وزوجة أبي التي هي بمثابة أمي نظرة الفتاة المثالية والابنة البارة؛ أما بالنسبة لذنوبي فأنا نادمة على كل عمل عملته وارتكبته صغيرا ًكان أم كبيراً، ودائماً أستغفر ربي وأسأله أن يغفر لي ذنوبي. هل سيغفر ربي لي ذلك ويستر أمري ويستر الذنوب التي ارتكبتها ولا يفتضح أمري بين الناس وبين أهلي؟ أرجوكم دلوني وساعدوني فأنا تبت ولكني أريد الطريق إلى المغفرة والستر من أفعالي، أحسن الله إليكم.

الجواب:

        يقول الله -جل وعلا-: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[1]، في هذه الآية بشارة من الله -جل وعلا- لهذا النوع من الناس، فإن الشخص يُسرف لترك الواجب أو لفعل المحرم ومن ذلك التوبة، والتوبة إذا كانت من حقوق الله فلها شروط: الندم على ما حصل من ترك واجبٍ أو فعل محرم، والإقلاع من الذنب، والعزم على عدم العودة إلى الذنب.

        وهذه الشروط الثلاثة موجودةٌ -أيضاً- في التوبة من حقوق الخلق إلا إذا كان الحق مالياً فإنه يؤديه، فإن تعذر عليه أداؤه إلى صاحبه فإنه يتصدق به على نية صاحبه، وإذا كان قد نال من عرض أخيه فإنه يستبيحه، وإذا تعذرت عليه الاستباحة فإنه يدعو له، والتوبة متيسرة للإنسان. ومن الأسباب -أيضاً- كثرة الدعاء وكثرة ذكر الله -جل وعلا-، ومن ذلك أن يُكثر الإنسان من التسبيح والتحميد والتهليل، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ مشروعية الدعاء بأن يقول الشخص: « سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. والحمد لله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. ولا إله إلا الله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. والله أكبر عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته »، وثبت عنه ﷺ أنه قال: « من قال: سبحان الله وبحمده غُرست له نخلةٌ في الجنة »، وسأل موسى عليه السلام ربه أن يدله على دعاءٍ فقال: « يا موسى، قل لا إله إلا الله، فقال: يا رب، كل عبادك يقولون: لا إله إلا الله، قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كِفة لمالت بهنّ لا إله إلا الله »، وقد جاء رجلٌ إلى الرسول ﷺ فقال: أوصني، قال: « لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله » هذا من جهة الأدعية، وكذلك من جهة المحافظة على الواجبات؛ وكذلك الإكثار من نوافل الصلاة. وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « من صلى في يومٍ ثنتي عشرة ركعةً بنى الله له بيتاً في الجنة »[2]، ومن ذلك الإكثار من تلاوة القرآن فإن القرآن يشتمل على ما يزيد على ثلاثمائة ألف حرف، والرسول ﷺ يقول: « من قرأ حرفاً من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف؛ ولكن ألف حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرف ».

        فعلى الإنسان أن يكثر من تلاوة القرآن، هذه الأمور إلى يفعلها من الذكر، ومن تلاوة القرآن، ومن نوافل العبادات من نوافل الصلاة؛ وكذلك إذا تيسر له الصدقة وكذلك الصيام يقول الله -جل وعلا-: "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ"[3] فهذه الأعمال الحسنة تغلب الأعمال السيئة إذا كثرت.

        فعلى الإنسان أن يكثر من هذه الأمور لعل الله سبحانه وتعالى يغفر له ما مضى من أعماله السيئة ويوفقه للعمل الصالح مستقبلاً. وبالله التوفيق.



[1] الآية (53) من سورة الزمر.

[2] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض(1/503)، رقم(728).

[3] من الآية (114) من سورة هود.