Loader
منذ سنتين

عليّ ذنوب، والناس يظنون بي الخير، كلما ندمت أعود، واعزم على ترك الدروس، فبمَ ترشدني؟


  • فتاوى
  • 2022-02-09
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11023) من المرسل أ من الرياض، يقول: منّ الله عليّ بطلب العلم؛ ولكن عليّ ذنوب شنيعة. والناس يظنون بي الخير، كلما ندمت أعود وأحس أني منافق، واعزم على ترك الدروس وبيع الكتب، وعدم حضور الدروس، فبمَ ترشدني للخلاص من هذه الهموم؟

الجواب:

        من المعلوم أن النبي ﷺ قال: « ما منكم من أحد إلا ومعه شيطان، قالوا: حتى آنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا؛ إلا أن الله أعانني فأسلم فلا يأمرني إلا بخير ».

        وعلى هذا الأساس فكل واحد معه شيطان. هذا الشيطان له وظيفة مع الإنسان، وهذه الوظيفة هي أنه يمنعه عن الخير أصلاً، ويحثه على السوء أصلاً؛ هذا في أصل الاتجاه. إذا عجز عن صده عن أصل الخير يحاول -أيضاً- أنه يقلل من هذا الخير، وإذا لم يوافقه على أصل الشر كلياً فإنه يحرص على جعله يرتكب شيئاً من المحرمات؛ لأن بعض الناس يغرق في الحرام، ويغرق -أيضاً- في ترك الأمور الواجبة، وإذا ما نجح في هذه الطريقة يرجع إلى مسألة الزمان؛ يعني: العبادة التي حدد لها زمن مثل الصلاة يصلّي، ولكن يصلّي بعد خروج الوقت، أو يصلّي في بيته لا يصلّي في المسجد.

        وإذا عجز عن هذه الطريقة، جعله يقلل من كيفية العمل؛ مثل: إنسان فاتته الصلاة مع الجماعة، يصلّي وحده تجده يستعجل عجلة تجعل صلاته لا تصح. ومن المعلوم أن الطمأنينة -سواء كانت في الأقوال أو في الأفعال- أنها ركن من أركان الصلاة.

        وعلى هذا الأساس: لا بدّ أن يتنبه الإنسان إلى الطريقة التي يسلكها الشيطان معه، ومن أجل أن يعرف ذلك هو أنه ينظر إلى ما أمره الله به، وإلى ما نهاه الله عنه، فإذا كان يأتي بما أمره الله به طبق ما أُمر به، ويترك ما نهاه الله، طبق ما نهاه الله عنه، أو نهاه رسوله ﷺ؛ فحينئذ يكون قد سلم من الشيطان.

        أما إذا حصل خلل دون عذر شرعي -سواء كان الخلل في باب الأوامر، أو في باب النواهي- فلا شك أن هذا مدخل من مداخل الشيطان. وكلما استسلم الشخص لهذا الخلل؛ بمعنى: يكثر من ترك الواجبات، ويكثر من فعل المحرمات؛ فإن هذا يقّوي سلطان الشيطان عليه، ويضعف سلطان الملك؛ لأن الشيطان له تسلّط على القلب. والملك الذي مع الإنسان له لمة على القلب، والشيطان له لمة على القلب، فكلّ ما تحس به من الخير في قلبك فهو من لمة الملك، وكلّ ما تحس به من إرادة السوء -سواء ترك واجباً، أو في فعل شيء من المحرمات- فلا شك أن هذا من لمة الشيطان، وهو الذي يزين لك القبيح، يزين لك ترك الواجب، ويزين لك فعل الأمور المحرمة.

        ونصيحتي لهذا الشخص وأمثاله أن يستمر في طلب العلم، وألا يلتفت إلى هذه الأمور، وأن يستغفر الله -جلّ وعلا-، فإن الله يقول في محكم كتابه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[1]، فعندما يعمل الإنسان السيئة لا تكون حاجزاً بينه وبين عمل الطاعة، وقد قال الله في الحديث القدسي: « يا عبادي، إنكم تخطئون في الليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا ».

        فعلى الإنسان أن يكثر من التوبة والاستغفار ومن الأعمال الصالحة، ويبتعد عن قرناء السوء، ويقترب من القرناء في الخير؛ لأن الإنسان بحسب قرينه؛ كما قال ﷺ: « المرء بخليله فلينظر أحدكم من يخالل؟ » وضرب ﷺ مثلاً للجليس الصالح والجليس السوء: « مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير » فبائع المسك مثلٌ للجليس الصالح، ونافخ الكير مثلٌ للجليس السوء. وبالله التوفيق.



[1] الآية (53) من سورة الزمر.