فتاة أمها تدعو عليها كلما غضبت، وتقو أنها لم تتوفق بسبب دعاء أمها عليها. وتوجيه للوالدين بعدم الدعاء على أولادهم
- تربية الأبناء والتعامل معهم
- 2021-07-17
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5954) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: أنا فتاة منذ الصغر وأمي تدعو عليّ بسبب أو دون سبب. أنا لم أقل: بأنني لم أخطئ، فالمراهق له أغلاط كثيرة ويندم عليها فيما بعد؛ ولكن أمي -هداها الله- لا تحتمل فكانت إذا غضبت تدعو عليّ بعدم التوفيق، وأن يسلط الله عليّ إنساناً لا يرحمني. وهي للأسف لا تغضب في الأسبوع مرة؛ بل تغضب في اليوم مائة مرة، والدعاء أقرب شيء تفعله، لذلك استجاب الله منها فتزوجت وأنا في الثالثة عشرة من عمري، وأنجبت بنتاً، وكان زوجي قاسياً جداً عليّ هو وأهله ولم أجد الرحمة منهم، ثم طلقني وأخذ بنتي وحرمني منها، وتزوجت مرة أخرى فكان أقسى من الأول ولم أرتح معه وأنجبت بنتاً وولداً وكنت مستعدة للاستمرار معه وأبقى مع أولادي رغم ما أعانيه؛ ولكنه طلقني وحرمني من أولادي كذلك. وأنا الآن حزينة وأشعر أن دعاء أمي هو السبب بعد الله فيما حصل لي. وعندما أقول لها ذلك تغضب وتدعو عليّ مرة أخرى ألا يرحمني الله وألا يرضى عني.
وسؤالي يا شيخ، هل دعاء أمي عليّ سيحطم ما بقي من عمري؟ وهل إذا دعوت الله عزوجل في صلاتي أن يرزقني الله بزوج صالح يرحمني وأعيش معه بقية عمري مرتاحة لن يتحقق دعائي بسبب دعاء أمي. أرجو توجيه أمي وكل أم وأب ألا يدعو على أولادهم.
الجواب:
لا شك أن هذا الموضوع من الموضوعات الهامة والعلاقة بين الأب وأولاده؛ وكذلك علاقة الأم مع أولادها من ذكور وإناث لا شك أن هذه العلاقة لها أهمية كبيرة.
وهذه العلاقة قد يسلك فيها مسلك الإفراط أو مسلك التفريط أو العدل، والإفراط قد يكون من الأب، وقد يكون من الأم، وقد يكون من الولد؛ وهكذا مسلك التفريط قد يكون من الأب، وقد يكون من الأم، وقد يكون من الولد.
ومسلك العدل يكون مشتركاً بين الأب والولد وبين الأم والولد، ومسلك العدل لا يتحقق إلا إذا تقيد كلّ من الأب والأم والأولاد بالمنهج الشرعي في تحديد علاقة الأب بأولاده، وعلاقة الأولاد بأبيهم، وعلاقة الأم بأولادها، وعلاقة الأولاد بأمهم.
والله سبحانه وتعالى قال: « يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا »، وقال -جلّ وعلا-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ"[1].
فكما أن الله -جلّ وعلا- حرم الظلم على نفسه، فلا شك أن الظلم محرم بين العباد بصرف النظر عن القرابة وعدمها؛ ولهذا جاء في الحديث: « إن الله كتب الإحسان على كلّ شيء »، ومن الإحسان أن يمتنع الشخص عن ظلم غيره. ويفهم من هذا أنه لا يفضل واحداً على واحد؛ لأن هذا التفضيل فيه ظلم للمفضول، ولا فرق في ذلك فيما يقع من الأب، أو فيما يقع من الأم.
فعلى كلّ أب وأم أن يتقي الله وأن ينظر إلى ما يصدر منه تجاه ولده، فإذا كان ما يصدر منه متفقاً مع الوجه الشرعي فإنه يكون مأجوراً على ذلك إذا حسنت النية، وإذا كان ما يصدر في معزل عن الوجه الشرعي فإنه آثم بذلك. والأبوة والأمومة لا تكون مسوغة لاستباحة ما حرم الله -تعالى-؛ هذا من جهة الأب والأم.
أما من جهة الأولاد فلا شك أن الولد في فترة نموه -أكان ذكراً أو أنثى- لا شك أنه في هذه الفترة لا يكون عنده من الوعي ومن الفهم ومن الإدراك ومن التجربة لا يكون مثل الذي عند أبيه أو أمه فتحصل منه هفوات في القول، أو هفوات في السمع، أو هفوات في البصر، أو هفوات بفعل جارحة من جوارحه، لا يكون ما يصدر منه من الأمور الجائزة.
وينبغي أن يكون والده ووالدته كالطبيب مع المريض، يتلمس مواضع النقص من الولد، ويعالج هذا النقص بعلاج يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة.
ومما يحسن التنبيه عليه ويكثر السؤال عنه حصول تمرد من بعض الأولاد، وكذلك من بعض البنات، فيتمرد الولد على أبيه أو يتمرد على أمه إلى درجة أنه يضرب أباه أو يضرب أمه. إذا كان الولد على وضع غير سليم ينصحه أبوه ويقول له: اتركني، فيتدرج الأمر إلى أن الولد يتجرأ على ضرب أبيه، أو يتجرأ على ضرب أمه، وهكذا بالنظر للبنت تتجرأ على ضرب أمها.
فكما أن على كل واحدٍ من الوالدين مسؤولية؛ فكذلك الأولاد حينما يبلغون حدّ التكليف على كلّ واحدٍ منهم مسؤوليته، فعلى كلّ واحدٍ منهم أن يفهم ما له وما عليه، وأن يؤدي ما عليه ويطلب الذي له. وبالله التوفيق.