Loader
منذ 3 سنوات

حكم العمل في شركة كافرة، وحكم خدمة الكفار


الفتوى رقم (275) من المرسل: م. أ.ع مصري ويعمل في الأردن، يقول: يوجد هنا شركة تسمى كذا، وهذه الشركة كافرة لا تعرف الله، وهم يأكلون الخنزير والكلاب وما شابه ذلك، ويوجد عمال يعملون في تجهيز الطعام لهم، وغسيل الملابس، وتقديم الطعام، وغسل الأواني التي يعمل فيها الطعام، وقال لهم بعض الناس: إن هذا العمل حرام، وكل النقود التي يأخذونها حرام؛ لأنه لا يجوز خدمة الكافر، لكن لم يأتوا بالدليل، فما الحكم في هذا العمل؟ هل هو حلال أم حرام؟ ثم هل يجوز العمل مع هؤلاء الكفرة في باقي المشروع كالعمل في الأسمنت والحفريات، وما شابه ذلك؟

الجواب:

        أولاً: إذا كان الأمر كذلك، من جهة أن هؤلاء الأشخاص المسلمين يخدمون الكفار ويهيئون لهم المشروبات المحرمة والمأكولات المحرمة، فهذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه خدمة المسلم للكافر من جهة، وفيه خدمته في أمر محرم من جهة أخرى، وهذا داخل في قوله تعالى: "وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"[1].

        ومع الأسف فإن بعض الأشخاص الذين يتسّمون بالإسلام، يتسمون به على سبيل التسمية لا الحقيقة؛ بمعنى أنك تجد شخصاً يُسمى مسلماً، تقول له: هل تصلي؟ يقول: لا. وتقول له: هل تصوم؟ يقول: لا، فهو مسلم بلسانه وليس مسلماً بعمله، فمن الجائز أن يكون هؤلاء الأشخاص الذين ذكرتهم أو بعضهم من هذا النوع، وإذا كان بعضهم من هذا النوع، فليس عندهم من الغيرة على أنفسهم وعلى دينهم، وليس عندهم ما يجعلهم يتوقفون عن خدمة الكفار فيما ذكره السائل.

        ثانياً: وهو مسألة الاشتغال مع الكفار في الأعمال، فالسؤال هذا فيه شيء من الإجمال، لكن إذا كانت الشركة جاءت إلى بلد إسلامي، فهي شركة لها عهد وذمة، وهي تشتغل في مصلحة مسلمي أهل البلد الذي تشتغل فيه.

        وعلى هذا الأساس فاشتغال المسلم معهم لا من أجلهم، ولكن من أجل أن العمل للمسلمين، وهذا فيه مصالح:

        منها: أن اشتغال واحد من المسلمين معهم يمنعهم من المجيء بكافر يشتغل بدله، فإذا فرضنا أنهم يحتاجون إلى ألف عامل، وتوفر هذا العدد من بلاد المسلمين، امتنع مجيء هذا العدد من بلاد الكفار، وهذا فيه كف أذى الكفار الذين سيأتون، وفيه مصلحة هؤلاء المسلمين من الناحية المالية.

        ومنها: أن المسلمين يكتسبون خبرة، وقد يتطور هذا الاكتساب حتى يأتي وقت يوجد فيه من بين هؤلاء المسلمين من يتصدى للقيام بمثل ما تقوم به هذه الشركة، وبذلك يكون هناك اكتفاء ذاتي من الكفاءات التي بالبلد بدلا من الكفاءات الأجنبية.

        ومنها: أن المسلمين الذين يشتغلون مع هؤلاء ويطبقون الإسلام بأقوالهم وأعمالهم، قد يكون في ذلك مدعاة لهؤلاء الكفار أو بعضهم من جهة دخولهم في الإسلام عن طريق دعوة بعض المسلمين لهم، أو عن طريقة أنهم أعجبوا بالإسلام من خلال تطبيق المنتسبين إليه.

        فالمقصود: أن اشتغال المسلمين مع الشركات التي تأتي إلى هذا البلد مع احتفاظهم بإسلامهم، هذا فيه مصالح كثيرة ذكرت طرفاً منها، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (2) من سورة المائدة.