حكم اللعب بالضومنة وأخذ المال ممن يخسر
- المصالح والمفاسد
- 2022-05-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (582) من المرسل السابق، يقول: أحياناً أنا وبعض أصدقائي نلعب الضومنة في محل قريب من بيتنا، وعندما نلعب نأخذ من صاحب المحل أي شيء نأكله، والخاسر هو الذي يدفع قيمة ذلك الشيء، فما حكم ذلك؟
الجواب:
حكم ذلك لا يجوز؛ لأنه من باب أكل المال الباطل، وقال تعالى:"وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ"[1]، ومع الأسف أن كثيراً من الشباب يقدمون على كثير من الألعاب منهم من يقصد مصلحة مادية، ومنهم من يقصد مصلحة اجتماعية، ومنهم من يقصد بذلك التسلية. وهذه الألعاب على حسب اختلاف المقاصد:
- إذا كانت على مال، فهي داخلة في عموم قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"[2]؛ فهذا من باب الميسر.
- وإذا لم تكن على عوض، فإنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويكون فيها مفاسد اجتماعية بالنظر لما يترتب عليها من الآثار السيئة؛ كالمضاربة، أو المشاحنة في النفوس.
فالمقصود أنها إن لم تكن مفسدة محضة فمفسدتها أرجح مما يقال فيها من المصلحة، ومن القواعد المقررة في الشريعة: أن الشيء إذا غلبت مفسدته على مصلحته فليس بمشروع، ويندرج تحت هذا جميع ما ورد في القرآن والسنة من الأمور التي نهي عنها على وجه التحريم، ومن أمثلة ذلك أن الله حرّم الخمر، وقال: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"[3]، فقد حرّمه الله، وحرّم الميسر؛ لأن جانب الإثم أكبر من النفع. وإذا كان مفسدة محضة فمن باب أولى، وإن تساوى فيه المصلحة والمفسدة، فمن القواعد المقررة في الشريعة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وبهذا يكون ممنوع على هذا الوجه.
فعلى العاقل أن ينظر إلى الشيء الذي يريد أن يشغل نفسه فيه، فإذا كان مما يرضي الله فإنه يدخل فيه ويكمله على الوجه المطلوب؛ سواء كان واجباً، أو تطوعاً. وإذا كان هذا الأمر ممنوعاً لما يترتب عليه من المفاسد، فعلى العاقل ألّا يفعله؛ لأنه إذا أقدم عليه فيكون آثماً بذلك؛ هذا من جهة الإقدام على الفعل، ومن ناحية الإقدام على الترك. وكثير من الشباب لا ينتبه إلى ما يترتب على ما يزاولونه من الأعمال، لا يفكرون فيما يترتب عليه؛ ولهذا تجد الواحد منهم يباشر الأعمال التي ليست طيبة، ويمضي عليه الزمان وتصبح هذه الأمور جزءاً من حياته؛ بحيث إذا فقده يحس بأنه فقد شيئاً غالياً ومهماً في حياته، فيرجع ويعاوده. وهذا يرجع لأمور متعددة من أهمها: سوء التربية، فقد يكون بنفسه، أو من جهة ولي أمره، أو المدرسة، أو من ناحية المجتمع الذي يختلط فيه. وقد يكون مجتمعاً صغيراً أو كبيراً.
فالحاصل: أن الشاب ينظر في مصالح الشيء، فما ترجحت مصلحته أقدم عليه، وما ترجحت مفسدته تركه، وكذلك إذا تساوت المصلحة والمفسدة، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وتوسعت في هذا الجانب توسعا بسيطاً؛ نظراً لكثرة الألعاب التي يشتغل بها الشباب وتصدهم عما هو أصلح لهم منها. وبالله التوفيق.