أي العلوم أولى بالطلب في هذه الحياة المعاصرة؟
- الصيام
- 2021-07-06
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5106) من المرسلة السابقة، تقول: أي العلوم أولى بالطلب في هذه الحياة المعاصرة؟
الجواب:
العلوم قسمان:
القسم الأول: علوم دينية ومساعدة لها.
والقسم الثاني: علوم دنيوية.
فالعلوم الدينية الأصل فيها هو القرآن، والقرآن يفسر بعضه بعضا، والسنة مبينة للقرآن، واللغة العربية من جهة دلالتها الأصلية ومن جهة دلالتها الاستعمالية ومن جهة اشتقاقها ومن جهة تصريفها، ومن جهة علم البلاغة ومن جهة علم النحو، كل هذه العلوم اللغوية علومٌ مساعدةٌ على فهم القرآن وعلى فهم السنة؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، والرسول ﷺ عربي، وكذلك بالنظر إلى علوم القرآن، فإنها مفتاح لمعرفة القرآن، وكذلك بالنظر إلى علوم السنة من جهة روايتها ومن ناحية درايتها يعني علم الرواية وكذلك علم الدراية، وإذا نظرنا إلى علم العقيدة وجدنا أنه علم مستنبط من القرآن ومستنبطٌ من السنة على أساس قواعد الاستنباط، وإذا نظرنا إلى الفقه وجدنا أن الفقه أيضاً مستنبطٌ من القرآن ومن السنة على حسب قواعد الاستنباط، وقواعد الاستنباط هذه راجعة إلى علم اللغة من جهة الدلالة اللغوية وراجعة إلى الناحية الشرعية من جهة قصد الشارع من الأدلة التي جاءت دالةً على معاني تختلف عن المعاني اللغوية، أي أنها قد تزيد عن اللغوية كالطهارة حيث أن الطهارة في اللغة هي النظافة ولكن من الناحية الشرعية قد تكون طهارة من حدث أكبر وقد تكون طهارةً من حدث أصغر وهما معروفان في كتب الفقه، وهكذا الصلاة الشرعية والزكاة الشرعية والحج وما إلى ذلك، فهذه أمورٌ جاءت من الشارع أراد بها معانٍ تختلف عن لمعاني اللغوية, فيكون الشخص مستنبطاً من القرآن ومن السنة على أساس قواعد اللغة من جهة وعلى أساس مقاصد الشارع من جهة أخرى، فتبين من ذلك أن علم العقائد وعلم الفقه علمان مستنبطان من القرآن والسنة، ولكن باستخدام المفاتيح العلمية لهما جميعاً, فقد يكون المفتاح خاصاً بواحدٍ منهما وقد يكون المفتاح مشتركا بينهما.
وعلى هذا الأساس ينبغي لمن أراد دراسة العلوم الشرعية أن يدرسها متكاملة؛ لأن بعضها مرتبط ببعض، وإذا درس جانباً من جوانبها كمن يعتني بالسنة فقط ولكنه لا يرجع إلى القرآن ولا يرجع إلى أصول الفقه ولا إلى علم اللغة فإنه يكون عالماً بما علم؛ ولكنه يكون جاهلاً بأمورٍ تساعده أو تكون ضرورية في الواقع، تكون ضرورية بالنظر إلى العلم الذي درسه من السنة؛ لأن ما درسه من السنة لا يكون كافياً في بيان الحلال والحرام؛ لأنه كما سبق في أثناء الجواب أن السنة مفسرةٌ للقرآن، وعلى هذا الأساس فلا يستغني بها الشخص.
وهكذا بالنظر لمن تخصص بالقرآن؛ ولكنه جاهل بالسنة فإنه يكون قد تخصص في الأصل ولكنه جهل ما يكون مفسراً لما يحتاج إلى تفسيره من القرآن وقد جاء في السنة.
وعندما يقتصر على القرآن والسنة مثلاً؛ ولكنه يجهل ما كتبه علماء العقائد، وما كتبه علماء اللغة، وكذلك ما كتبه علماء الفقه والأصول يكون جاهلاً في هذه الأمور، فإنه يسير في استنباطه من القرآن والسنة على غير هدى إلا ما ندر.
فعلى كل شخص ينتسب إلى العلم أن يتقي الله في نفسه، وأن ينظر إلى المنهج الذي يسير عليه، وأن يسلك مسلكاً يكون سليماً يؤدي إلى غاية محمودة وهي المطلوب. وبالله التوفيق.