لديها خمسة أطفال وتهتم بتربيتهم تربية إسلامية؛ ووالدهم متساهل هل من كلمة لهذا الأب؟ وهل من كلمة لهذه الأم تشد من عزيمتها تجاه أولادها وتربيتهم؟
- تربية الأبناء والتعامل معهم
- 2021-07-24
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (6310) من المرسلة أ. أ من الدمام تقول: أم لديها خمسة أطفال وتهتم بتربيتهم تربية إسلامية؛ لكن والدهم متساهل معهم إلى حد كبير؛ حيث لا يهتم بمأكلهم وملبسهم، ويترك مسؤولية تعليمهم ومذاكرة دروسهم عليها وحدها؛ بل وللأسف بعض الأحيان يثبط عزائمهم ليغيظها بذلك فيقول: لا عليكم لا تجتهدوا، وغير ذلك من الكلمات. السؤال هل من كلمة لهذا الأب؟ وهل من كلمة لهذه الأم تشد من عزيمتها تجاه أولادها وتربيتهم أحسن الله إليكم؟
الجواب:
يقول الله -جلّ وعلا-: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ"[1]، ويقول ﷺ: « كل مولود يُولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه ».
ومن المعلوم أن الأولاد يحتاجون إلى تربية، وهذه التربية تعتمد على أمرين أساسيين:
أما الأمر الأول: فهو أن الشخص الذي يُريد أن يربيهم يكون على مستوى عال من الأخلاق في نفسه؛ سواء كان ذلك من جهة القول، أو من جهة الفعل؛ وكذلك من جهة ما يتركه. ولا فرق في ذلك بين الأم وبين الأب.
الأمر الثاني: أن يحرص المربي على تربية الولد وذلك بتوجيهه، أو توجيه البنت التوجيه الصحيح الذي يجلب لها المصلحة في دينها وفي دنياها وفي آخرتها.
فهناك تربية تتعلق بأمور الدِّين من الاعتقاد ومن العبادات من صلاة وصيام؛ وهكذا من ناحية الحج. وهناك تربية من الناحية النفسية؛ بمعنى: إنه يُربي الولد من جهة أنه لا يزاول في سمعه ولا في بصره ولا في لسانه ولا في يده ولا في قدمه أمراً منكراً؛ إنما يزاول فيه الأمور المشروعة؛ وكذلك من الناحية التعليمية فيوجهه إلى التعليم الذي ينفعه، وكذلك من الناحية المالية فيحرص الوالد على تنشئة الولد على كسب الحلال. ويكون الوالد حريصاً -أيضاً- على كسب الحلال الذي ينفقه على نفسه وعلى زوجته وعلى أولاده. وهناك تربية عقلية فينبه الوالد الولد على الأمور التي تضرّ بعقله، ويحرص على أن الولد لا يزاول شيئاً من هذه الأمور؛ كالمسكرات، والمخدرات، وغير ذلك مما يُفسد العقل.
وكذلك يحرص الوالد على تربية أولاده من جهة تنبيههم على القرناء الذين يقترن بهم، ولهذا يقول النبي ﷺ:« المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»، فيحرص الوالد على ولده من جهة معرفة الأشخاص الذين يرتبط بهم الولد خارج البيت وتكون بينه وبينهم علاقة، فقد يرتبط الولد بأشخاص يُريدون به سوءاً على سبيل التدرج، ويغرونه بالأمور التي يحبها؛ كإغرائهم له بالمال، أو بغير ذلك من المأكولات والمشروبات؛ وبخاصة إذا كان الولد يحس بضيق من البيت بسبب سوء معاملة والده له، أو بسوء معاملة أمه له فيجد متنفساً عند هؤلاء؛ وبالتالي يجرّونه إلى ما لا تُحمد عقباه فتفسد أخلاقه وعقله. وربما يتطور به الأمر إلى ترك الدراسة، والوالد لا يقيم له وزناً في ذلك؛ إنما إذا أحسن الوالد فقد يوفر له الأكل والشرب واللباس وما عدا ذلك فإنه لا يراقبه.
ومن المعلوم أن الولد أمانة في عنق أبيه من وجه، وفي عنق أمه من وجه آخر؛ فقد قال النبي ﷺ: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها...» الحديث.
فالواجب هو التعاون بين الأم وبين الوالد في تربية الأولاد، والحرص على تقريب الأولاد بالوالدين، وذلك إذا قويت العلاقة بين الوالد والأولاد؛ وهكذا العلاقة بين الوالدة وبين الأولاد فإن الأولاد يستجيبون لهذه التربية، والعكس بالعكس إذا حصلت نُفرة، أو إذا حصل سوء معاملة من الأم لأولادها، أو من الأب لأولاده؛ فإن التربية ستكون سيئة، ولا يحصل من الأولاد قبول لا بالنظر لما يأتيهم من أمهم، ولا بالنظر لما يأتيهم من والدهم؛ فيكون الولد عبئاً على نفسه من جهة، وعبئاً على أسرته من جهة، وعبئاً على المجتمع من جهة ثالثة؛ بمعنى: إنه يكون عضو أشل على نفسه وعلى أسرته وكذلك على المجتمع، ولهذا يقول بعض الحكماء: « إذا أردت أن تُصلح العالم فابدأ بصلاح بنفسك، فإن العالم مكون من أفراد أنت منهم » وهكذا من يريد إصلاح الأسرة. وبالله التوفيق.