شخص كان يدخن ثم تاب بعد أن عرف حكمه، ماحكم عمله السابق؟
- المصالح والمفاسد
- 2021-12-12
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (3626) من المرسل السابق، يقول: سمعنا في برنامجكم نورٌ على الدرب أن التدخين بأنواعه حرامٌ، وحكمه مثل حكم الخمر، ولكني كنت أدخن، وعند سماعي لهذا الرأي المبارك الحمد لله رب العالمين أن عافاني من هذا المرض الخبيث الذي هو التدخين. فما الحكم في الفترة التي كنت أدخن فيها، حيث كنا نسمع قبل ذلك أنه مكروهٌ فقط؟
الجواب:
من قواعد الشريعة: أنها تحرم الشيء إذا كان ضرره أكثر من نفعه، وكذلك إذا كان ضرره مساوياً لنفعه، يقول الله -جلّ وعلا-: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"[1]، ثم جاءت الأدلة الدالة على تحريم الخمر والميسر تحريماً قاطعاً في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"[2]، فجاءت هذه الآية مقررة لتحريم الميسر والخمر بما يزيد عن عشرة أوجه. وهكذا سائر الأمور التي يغلب ضررها على نفعها تكون محرمة، وما كان ضرره مساوياً لنفعه فإنه محرمٌ؛ لأن من قواعد الشريعة: أن درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح.
ومما يؤسف له أن بعض الناس يزاول شيئاً من الأعمال يعود ضررها عليه، وهو يقطع بأنها ضارٌة له، ولكنه لا يتنبه لنفسه، فمن ذلك: الدخان، فلو سألت أي واحدٍ من الأشخاص الذين يشربونه، قلت له: هل هو خبيثٌ أو طيب؟ قال: إنه خبيث. والله تعالى قال: "وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ"[3] ولو سألته: هل فيه نفع؟ قال: لا، هذا ضار ضرراً عظيماً، ولكنني تعودت عليه.
فالواجب على الشخص أن ينظر إلى ما يزاوله من أقوالٍ ومن أفعال، وما يكف عنه، هل يعود عليه بالضرر؟ أو يعود عليه بالنفع؟ فإذا كان يعود عيه بالنفع أقدم عليه إذا كان مطلوباً فعله. وإذا كان تركه يعود عليه بالنفع؛ مثل: ترك الزنا، شرب الخمر، وهكذا سار جميع المحرمات، فهذه تعود على الإنسان بالضرر، وعندما يتركها فتركها يعود عليه بالنفع.
وكذلك بالنظر للأشياء المأمور بها؛ مثل: الصلاة، وقراءة القرآن، والصدقة، وجميع المأمورات من واجبٍ ومن مندوب. فالمهم هو أن الواجب على العاقل أن ينظر فيما يعود عليه بالضرر يجتنبه، وما يعود عليه بالنفع يعمله. وما يكون فيه ضررٌ ونفعٌ من جهة، فلينظر فإذا كان ضرره راجحاً تركه، وإذا كان ضرره مساوياً لنفعه تركه، وإذا كان نفعه أرجح من ضرره، فلا مانع من الأخذ به. وبالله التوفيق.