ما الأفضل حفظ القرآن من بدايته أو نهايته، وما طريقة الحفظ والمراجعة؟
- حفظ القرآن ومراجعته
- 2022-02-23
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10313) من المرسلة السابقة، تقول: ما الطريقة الأفضل في حفظ القرآن من بدايته أو نهايته، هل هناك طريقة أتبعها عند الحفظ والمراجعة؟ أرجو الإفادة.
الجواب:
الطريقة التي يمكن أن يتبعها الشخص الذي يريد أن يجمع بين حفظ القرآن وفهمه هي: أنه يحدد الآيات التي يريد أن يحفظها، وتكون هذه الآيات إما موضوعاً مستقلاً، أو أنها جزءٌ من موضوع؛ لأن القرآن فيه موضوعاتٍ محددة مختصرة، وفيه موضوعاتٌ موسعة؛ فحينئذٍ هو محتاجٌ إلى تحديد الآيات أولاً، فإذا نظرنا إلى سورة البقرة وجدنا أن الله -سبحانه وتعالى- ذكر أربع آياتٍ في أولها للمؤمنين من جهة صفاتهم وجزائهم، وذكر آيتين للكافرين وذكر ما يتعلق بهم من الصفات وكذلك من جهة الجزاء، وبعد ذلك ذكر ثلاث عشرة آية في المنافقين خاصةً ثم، بعد ذلك أتى بموضوعٍ وهو دعوة هذه الأصناف الثلاثة في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}[1]... إلى آخره. وإذا نظرنا إلى سورة البقرة وجدنا أنها تشتمل على موضوعاتٍ كثيرة، فهي تشتمل على موضوع الحج، وعلى موضوع الصيام، وموضوع الطلاق، وموضوع العدد؛ إلى غير ذلك من الموضوعات، فلا بدّ من تحديد الآيات التي تشتمل على موضوع ٍ واحد، أو أنها تشكل عنصراً من عناصر موضوعٍ واحد، بعد ذلك ينظر في هذه الآيات من جهة المفردات لها تارة؛ هي تُفسر بتفسيرٍ لغوي وبتفسيرٍ شرعي، فيعرف معناها من جهة اللغة، ومن ناحية الشرع، ثم بعد ذلك ينظر في هذه الآيات هل لها سبب نزول؟
لأن القرآن بالنسبة إلى هذه النقطة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما نزل ابتداءً دون سبب.
والقسم الثاني: ما نزل وله سببٌ مقرونٌ به كما في قوله -جل وعلا-: (يسألونك عن الأهلة) (يسألونك عن المحيض)، (يسألونك عن الساعة)؛ إلى غير ذلك من الأسئلة التي جاءت في القرآن، فالسؤال هذا هو سبب النزول للآية.
وقد تكون الآية نازلةٌ على سببٍ ولكنه لم يذكر، وفيه كتب مؤلفة في أسباب النزول فبإمكان طالب العلم أن يقتني كتاباً من كتب أسباب النزول وهو مرتب على ترتيب القرآن.
ثم بعد ذلك ينظر في هذه الآيات هل هي محكمة أو أنه ورد عليها نسخ؛ يعني: هل هي منسوخة أو أن هذه الآية ناسخة؛ لأن فيه محكماً ابتداء لم يطرأ عليه نسخ مطلقاً، وفي القرآن ما هو منسوخ لكنه باقٍ، وفيه ما هو ناسخٌ، فيميز طالب العلم هذه الآيات من جهة الإحكام ومن جهة النسخ.
ثم بعد ذلك ينظر في معنى هذه الآيات. والنظر في معناها من جهتين:
أما الجهة الأولى فهي: النظر الجزئي، والنظر الجزئي هو بحسب علامات الوقف الموجودة على الكلمات أو على رؤوس الجمل، فإذا نظرنا إلى علامات الوقف وجدنا أن منها ما هو محرمٌ، وهو ما رُمز عليه بكلمة: (لا) فوق الجملة. وفيه وقفٌ واجبٌ، وهو ما رُمز له بكلمة(م)؛ يعني: لازم. ومنها ما هو وقفٌ مكروهٌ، وهو ما أشير إليه بكلمة (صلي) فوق الكلمة؛ يعني: وصلٌ ووقفٌ والوصل أولى، فيكون الوقف مكروهاً. ومنها ما يكون الوقف مستحباً، وهو ما رُ مز له بكلمة (قلي) فوق الكلمة، ومعنى ذلك أنه وقفٌ ووصل والوقف أولى؛ فيكون الوقف مستحباً. ومنها ما هو وقفٌ جائزٌ أو تقول: مطلق، وهو ما كُتب عليه (ط)، أو كتب عليه (ج)؛ يعني: إنه جائز للوقف وجائز عدم الوقف. ومنها التعانق. التعانق هذا تجدونه ثلاث نقط توضع فوق كلمة، وبعدها بقليلٍ تجد ثلاث نقط موجودة على كلمةٍ أخرى، فأنت مخيرٌ على الوقف على الأول والوقف على الثاني؛ لكنك لا تقف على الأول ثم تقف على الثاني؛ لكن تقف على الأول فإن وقفت على الأول لا تقف على الثاني. وإن وقفت على الثاني لا تقف على الأول. فتفهم معاني الجمل على حسب علامات الوقف؛ هذا هو المعنى الجزئي. المعنى الكلي: المراد به المعنى العام لهذه الآيات، فتعرف المعنى العام لهذه الآيات، ثم بعد ذلك تستنبط ما اشتملت عليه هذه الآيات من الأحكام. وبإمكانك أن تقتني كتاباً من كتب أحكام القرآن؛ ك(كتاب أحكام القرآن) للقرطبي، أو (أحكام القرآن) للعربي، أو غير ذلك من كتب الأحكام.
بعد ذلك في ناحية مهمة جداً وهي أن هذه الآيات قد يكون فيها إشكال. والإشكال في القرآن يأتي على وجهين: إشكال من ناحية اللفظ وهذا أمره سهل؛ لكن المهم هو الإشكال من ناحية المعنى، فأنت تنظر في هذه الآيات هل ورد عليها شيءٌ من الإشكال. وفيه كتب مخصصة لبيان الإشكال من ناحية اللفظ، وكتب مخصصة للإشكال من ناحية المعنى. ومن الكتب التي تُزيل الإشكال من ناحية المعنى كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل في متشابه التنزيل)، وكذلك كتاب (ملاك التأويل). وفيه كتب كثيرة اعتنت في بيان الأمور المشكلة من ناحية المانع. وكتاب- الشيخ الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب).
فإذا سلكت هذا المسلك في هذه الأمور بعد ذلك تحفظ الآيات التي حددتها وفهمتها على هذا الوضع، وبإمكانك أن تخصص لكل يوم درساً من هذه الدروس تفهمه أولاً على المراحل التي ذكرتها، ثم بعد ذلك تحفظه وتعيدها دائماً؛ يعني: الأشياء التي تحفظها تكررها دائماً. وبالله التوفيق.