Loader
منذ سنتين

حكم الانشغال بحفظ القرآن عن قراءته


الفتوى رقم (4210) من المرسل ع. ف. ر، يقول: أقوم بحفظ كتاب الله الكريم، وأنوي حفظه كله -إن شاء الله- وأقوم بمراجعة ما أحفظه بصفة مستمرة خشية النسيان، وكلما أردت أن أختم القرآن قرأت من البداية إلى النهاية، أحاول ذلك، ولكن انشغل عنه بالحفظ والمراجعة. سؤالي فضيلة الشيخ، هل تجزئ هذه المراجعة والحفظ كما ورد عن النبي ﷺ؟ وهل يحصل ثواب القراءة عن كل حرف عند تكرار الآيات؟

 الجواب:

        الرسول ﷺ قال: « من قرأ حرفاً من القرآن فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف » ؛ بمعنى: أن الحرف الذي يثاب عليه كحرف من حروف الهجاء، والشخص يتلو القرآن من أجل حفظه، يعني: يجزئ القرآن ويقسمه أقساماً على السنة، أو على نصف السنة حسب قوة حفظه، فيجعل لكل يومٍ قسماً، يجعل ربع جزء، أو ثمن جزء، أو ورقة، أو صفحة من صفحات المصحف، ومقدارها خمسة عشر سطراً.

        أو يكون من الأشخاص الذين يحفظون القرآن حسب الموضوعات في السورة، فمثلاَ: سورة البقرة تزيد على أربعين موضوعاً، فالموضوع الأول من أول السورة إلى قوله -تعالى-: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[1]، وهذا المقطع فيه بيان صفات المؤمنين، ومالهم من الجزاء عند الله.

        والمقطع الثاني من قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} إلى قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[2]، وفي هذا المقطع بيان صنفي الكفار والمنافقين، وهذان الصنفان معاكسان للصنف الأول. وفيه بيان صفاتهم وبيان جزائهم.

        والمقطع الثالث: من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} إلى قوله -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[3]، وهذا المقطع فيه كلام على التوحيد.

        وعلى هذا كل سورة من سور القرآن تجدون أنها موزعة على حسب الموضوعات، في نهاية كل موضوع، وبداية الموضوع الذي يليه توضع عين على آخر الآية، يعني: على رقم في الآية، أو فوق رقم الآية. وفي بعض المصاحف توضع في جانب الصفحة من فوق. وهذه الطريقة إذا سلكها طالب العلم فيها تسهيل له من ناحية حفظ القرآن، وفيها تسهيل من جهة ضمّ الآيات للقرآن، على وجه العموم التي تتعلق بموضوع واحد، وذلك أن القرآن يبين بعضه بعضاً، والسنة مبينة للقرآن. فهذه طريقة مثمرة، والشخص عندما يشتغل بالقرآن على هذا الوجه فليس من اللازم أن يأخذ بجانب آخر، وهو أن يختم القرآن نظراً، لكن بإمكانه أن يكرر هذا الشيء الذي حفظه، وكلما كرره فإنه مأجور عليه، كأجره على أول قراءة يقرؤها. ولولا ضيق وقت البرنامج لتوسعت في هذه الناحية، وذلك من أجل ترغيب كثير من المستمعين المحبين للقرآن في أن يحرصوا على تلاوته، وعلى حفظه، وعلى فهمه، وعلى تلاوته. وبالله التوفيق.



[1] وردت في مواضع كثيرة، وأولها من الآية (5) من سورة البقرة.

[2] من الآية (21) من سورة البقرة.

[3] من الآية (30) من سورة البقرة.