تفسير قوله تعالى:"إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"
- التفسير
- 2021-08-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7429) من المرسل السابق، يقول: ما تفسير قوله تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"[1]؟
الجواب:
خشية العبد لله -جل وعلا- تكون خشيةً ظاهرة، وتكون خشيةً خفية، ولهذا قال -تعالى- في موضعٍ آخر: "إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ"[2]؛ يعني: إذا غابوا عن أعين الناس أو أقدموا على أمرٍ لا يعلمه عنهم إلا الله -جل وعلا-، هو المنفرد بعلمه ذلك؛ فهذا من الخشية بالغيب.
والعلماء العارفون بالله العاملون بعلمهم هؤلاء هم أقرب الناس إلى معرفة الله -جل وعلا- بعد رسله، وهؤلاء هم أعرف بالله -جل وعلا-، ولهذا تجد أن الواحد منهم عندما يكون عاملاً بعلمه لا يقدم على ترك واجبٍ لا سراً ولا علانية، ولا يُقدم على فعل محرمٍ لا سراً ولا علانية؛ لأنه يتصور عظمة الله -جل وعلا-، ولهذا يقول بعض السلف في هذا الباب: "لا تنظر إلى المعصية ولكن انظر إلى من عصيت، ولا تنظر إلى الطاعة ولكن انظر إلى من أطعت". ويقول الله -جل وعلا-: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[3] فبقدر تأثير العلم والعمل على الإنسان تكون خشيته لله -جل وعلا- سراً وعلانية، فكلما قوي تأثير العلم وتأثير العمل عليه قويت خشيته لله -جل وعلا-، وكلما ضعف العلم أو ضعف العمل قلّت خشيته لله -جل وعلا-، وليس معنى هذا أن هذه الخشية إنما تكون من العلماء، فقد يوجد من أفراد الناس لم يتعلموا العلم ولكنهم يخشون الله -جل وعلا- لأنهم يخشونه تارةً يكون من أجل محبته وتعظيمه، وتارة يكون من أجل خوف العقاب منه؛ لأن مقاصد الناس لا يعلمها إلا الله -جل وعلا-. وبالله التوفيق.