Loader
منذ سنتين

ما نصيحتكم للأمهات والآباء يقفون ويمنعون من تزويج الفتيات؟


الفتوى رقم (9063) من المرسلة السابقة، تقول: تقدم إليّ شاب له وظيفة، وهو أخ لإحدى زميلاتي وأرغب فيه من أجل إعفاف نفسي وتحصينها من الفتن، لكن والدتي ترفض بحكم أنه ليس من الأقارب والجيران وأحاول أن أخبر والدي بالموضوع كي يسأل عنه، فما نصيحتكم إلى الأمهات أو حتى الآباء الذين يقفون أمام الأبناء ويمنعون الفتيات من الزواج؟

الجواب:

        لا شك أن تأسيس الأسرة ابتداء يكون من الزوج ومن الزوجة، والله -سبحانه وتعالى- من حكمته أنه خلق لبنى آدم من جنسهم وهذا من فضل الله ورحمته وإحسانه، وشرع النكاح وحرم الزنا وجميع الوسائل المؤدية إليه يعني إلى الزنا، وبما أنه شرع النكاح وحث عليه، وقال ﷺ « تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم »، وقال ﷺ: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير »، وقال ﷺ « تنكح المرأة لأربع؛ لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك »، ويقول -جل وعلا- {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[1].

        فتبين من ذلك أن الله سبحانه تعالى حث على الزواج، وقال ﷺ « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة -يعني الزواج- فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ».

        فالمقصود أن مشروعية النكاح ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع وأن المعتمد في هذا هو الدين -يعني الكفاءة في الدين-.

        لكن يبقى موضوع مهم في ذلك، وهو يكون من جهة الأب، أو يكون من جهة الأم، أو يكون من جهة البنت، أو يكون من جهة الولد إذا أراد الولد أنه يتزوج.

        فمن ناحية الأب قد يشترط شروطاً ثقيلة على الزوج من الناحية المالية، وتكون هذه الشروط مثقلة له فينصرف عن الزواج، وتحبس هذه المرأة بسوء تصرف الأب ويكون الأب في هذه الحالة آثماً.

        وقد يكون من ناحية تعصب نفسي، ليس لتعصبه هذا أصل في الشرع، فليس له حق في ذلك ويكون أيضاً آثماً.

        وهكذا بالنظر للأم، الأم مثلاً قد يكون بينها وبين البنت عناد، أو تكون مثلاً متعصبة أو تشترط شروطاً يترتب عليها أن الزوج يعطيها أموالاً لها ولأختها وهكذا، وهذا واقع كثيراً، فكثير من أمهات البنات تشترط لها شروط ذهب، وكذا من الأموال، هذا من ناحية الأم.

        وهكذا من ناحية البنت قد يتقدم لها شخص غير مرضي في دينه ولا في أمانته، قد يقع بينها وبينه محبة إما لرؤية شخصه، أو من ناحية مكالمته في التلفون كما يقع كثيراً بين الشباب والشابات. فتحبه وتتفانى في إنجاز الزواج بهذا الشخص، ولكنه لا يكون مرضياً لا في دينه ولا في أمانته.

        وفيه أيضاً جانب آخر مما يؤسف له أن بعض الآباء يمنع البنت من أجل أن يستفيد من راتبها، فقد سألتني بنت، فقالت: أبلغ من العمر تسعاً وثلاثين سنة، وقد تخرجت من عشر سنوات، ويتقدم الخطاب ويمنع أبي من زواجي بحجة أنه يقول أنا أريد أن أستوفي المصاريف التي صرفتها عليك سابقاً من الراتب الذي تتقاضينه، وتقول: إنه يستلم جميع راتبي.

        ومن المعلوم أن الله -جل وعلا- قال في الحديث القدسي « يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ».

        فلا يجوز للأب أن يكون ظالم للبنت، ولا يجوز للأم أن تكون ظالمة، ولا يجوز للبنت أن تكون ظالمة من ناحية أنها تختار من لا يصلح لا في دينه ولا في أمانته.

        فعلى الجميع تقوى الله جل وعلى وبالله التوفيق.



[1] من الآية (32) من سورة النور.