Loader
منذ 3 سنوات

حكم مقاطعة الأخ الذي لا يصلي، وهل ماله حلال؟


الفتوى رقم (472) من مرسلتين واحدة رمزت لاسمها بأمة الله، والثانية رمزت لنفسها بسائلة من السعودية. والرسالتان فيهما تشابه. السائلة تقول: أنا أصغر إخوتي الذكور، ولي أخ يكبرنا جميعاً، وهو مدرس في مدرسة ابتدائية، ولا يقيم الصلاة، ونصحته كثيراً ولكن لا يسمع النصيحة، وقد حرّمت أن أخذ أي شيئاً منه، حتى بيته لم أعد أذهب إليه، فهل معي حق في هذه المقاطعة؟ وهل له الولاية في أمري وأمر إخوتي؟ وأمي تأخذ منه كلّ شهر مبلغاً من المال فهل ما تأخذه حلال أم حرام؟

الرسالة الثانية السائلة تقول: تارك الصلاة، ماذا يجب عليهم نحوه نصحوه ولم يسمع النصيحة، خاصموه وقاطعوه فزاد في عناده، ويقول: عناداً لكم لن أصلّي حتى يحرمهم من أجر هدايته على أيديهم، فهل يجوز البيع له أو الشراء منه أو أكل طعامه؟ وهل يجوز لأمه أن تأكل من طعامه أو تأخذ من ماله؟

الجواب:

مما يؤسف له كثرة ترك كثير من الناس للصلاة، وهم يتركونها على وجوه:

منهم من يتركها جحداً وعناداً، وهذا كافر بإجماع أهل العلم، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً عن الإسلام، والشخص الذي يكون بهذه المثابة تجب مقاطعته من جميع النواحي؛ إلا بالنسبة لشخص يريد أن يدعوه إلى الإسلام، وأن يُرغِّبه في أمور الخير، وأن يُحِّذره من أمور الشر؛ فيكون الدخول معه على أساس الدعوة إلى الله، فهذا وسيلة لغاية نبيلة، ومن القواعد المقررة في الشريعة أن الوسائل لها حكم الغايات.

ومن الناس من يترك الصلاة كسلاً وتهاوناً، وهذا كافر على الصحيح من أقوال أهل العلم، يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً، وهذا كالذي قبله بالنسبة إلى وجوب مقاطعته من جميع النواحي؛ اللهم إلا لشخص يريد أن يدخل معه دخول دعوة وهداية وتحذير من تركه للصلاة وترغيبه للخير إن هو أطاع الله.

ومن الناس من يصلّيها لكن بعدما يخرج وقتها، فيترك الصلاة في وقتها، وهذا -أيضاً- لا يجوز له ذلك؛ بل يجب عليه أن يصلّي الصلاة في وقتها ولا يؤخرها عن وقتها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، قال تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا "[1]. وأوقات الصلاة محددة من جهة بدايتها ونهايتها، وليست خافية على أبناء المسلمين الذين يعيشون في بلاد الإسلام.

ومن الناس من يترك الصلاة جماعة؛ يعني: يصلّي في بيته أو مكتبه، ويقول: إن صلاة الجماعة سنة وليست واجبة، وهذا القول ليس صحيحاً؛ لأنه مخالف لدلالة القرآن والسنة وإجماع أهل العلم. فالصلاة جماعة كانت قائمة في عهد التشريع منذ أن فرضت حتى توفي رسول الله، ثم بعد ذلك أقامها الخلفاء الأربعة واحداً بعد الآخر؛ وكذلك بالنسبة للصحابة والتابعين وأتباع التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا.

فالمقصود أن الصلاة جماعة واجبة بدلالة القرآن والسنة وإجماع أهل العلم، فالشخص الذي يصلّي في مكتبه ولا يصلّيها جماعة، ويقول: سنة؛ يكون آثماً في عمله هذا، ويكون محروماً من الأجر بقدر ما يستحقه عند الله؛ فالواجب على الشخص أن ينظر في نفسه، وأن يفكر فيما يؤول إليه أمره؛ فإن حياته محددة من ناحية الزمان، والزمان ظرف يملؤه إما بالخير أو بضده، فقد ثبت عن الرسول أنه قال: « كلّ الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ».

        وبناء على ما سبق: فإن هذين السؤالين في حالة تطبيقهما على ما سبق تجب مقاطعة هذين الشخصين اللذين تركا الصلاة، فمن تركها منهما جحداً وعناداً فهو كافر مرتد، يستتاب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل؛ وكذلك بالنسبة إذا كان الترك تهاوناً وكسلاً يجب أن يستتاب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل مرتداً، ويجب مقاطعتهما من جميع النواحي، ولا يجوز أن يؤخذ منهما شيء من المال لا بالنسبة للأب ولا الأم ولا الأخت؛ وكذلك لا تجوز زيارة الواحد منهما في بيته.

ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس استوى عندهم من يصلّي ومن ترك الصلاة، فإذا جلست عندهم في مجالسهم وجدت شخصاً لا يصلّي وشخصاً يصلّي، فتجد أن هذين الشخصين متساويان بالنظر إلى تبادل الأحاديث فيما بينهما؛ وكذلك بالنسبة للاحترام المتبادل، وكان الواجب على الشخص الذي يصلي أن يبرز شخصيته مطيعاً لله، وأن يبرز ذلك الشخص تاركاً للصلاة؛ لأنه بمعاملته الحسنة لهذا الشخص يغر الناس الحاضرين ويأخذون فكرة على أن تارك الصلاة لا ينبغي أن يعامل معاملة قاسية؛ بل هو والذي يصلّي على سبيل السواء. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (103) من سورة النساء.